الأحد، نوفمبر 25، 2012

الطيار الذي أنقذ موته الملايين


مع بزوغ فجر اليوم الثاني عشر من أزمة الصواريخ الكوبية أصبح الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من خوض حرب نووية مدمرة. ففي ذلك الصباح أسقط صاروخ سوفيتي طائرة استطلاع أمريكية من طراز (U-2) كان على متنها الرائد رودلف أندرسون من سلاح الجو الأمريكي فوق الأجواء الكوبية. وبسبب وفاة ذلك الطيار، وهو القتيل الوحيد في تلك المواجهة، وصل التوتر بين القوتين العظميين إلى الذروة، ثم ما لبث الطرفان أن تراجعا عن خوض حرب نووية كانت ستؤدي إلى سقوط الملايين من الضحايا.

الرائد في سلاح الجو الأمريكي رودلف أندرسون
بتاريخ 27 أكتوبر 1962، حلق الرائد رودلف أندرسون بطائرته في أجواء كوكب تتنازعه الصراعات. وقبل اثني عشر يوما كان هذا الضابط قد نفذ إحدى المهمات الاستطلاعية المبكرة فوق كوبا والتي أكدت وجود مواقع للصواريخ السوفيتية على مسافة لا تتجاوز 90 ميلا من الأراضي الأمريكية. لم يكن من المقرر أن ينفذ أندرسون طلعة جوية في ذلك اليوم، إلا أنه بذل جهدا كبيرا لكي ينفذ المهمة بنفسه بعد أن رآها في جدول العمليات. كانت العملية تحمل رقم 3127، وهي الطلعة الجوية السادسة التي ينفذها أندرسون في الأجواء الكوبية في إطار ما يعرف باسم "عملية المقبض النحاسي" والأكثر خطورة في سجله الشخصي، حيث كانت صواريخ أرض-جو السوفيتية جاهزة للانطلاق وباتت الحرب وشيكة.

بعد فترة وجيزة من دخول أندرسون للأجواء الكوبية تمكنت الرادارات الروسية من رصد طائرته التي لم تكن مزودة بالسلاح وكانت تحلق على ارتفاع كبير. وخشي السوفيت من أن الطيار ربما جاء لكي يلتقط صورا للمواقع السرية التي كانوا يحتفظون فيها بأسلحتهم النووية بالقرب من قاعدة غوانتانامو البحرية الأمريكية، حيث قال الفريق ستيفان غريتشكو مخاطبا أحد الضباط: "لقد مكث ضيفنا في الجو أكثر من ساعة، أعتقد أن علينا إصدار الأمر بإسقاط طائرته لأنها تتجسس على مواقعنا في العمق". ولما لم يكن القائد الأعلى، وهو الشخص الوحيد المخول بإصدار الأمر بإطلاق صواريخ أرض-جو، متواجدا فقد أصدر غريتشكو الأمر بنفسه: "دمروا الهدف رقم 33".

الخميس، نوفمبر 22، 2012

هل كان نيرون يعزف على الكمان أثناء حريق روما؟


في شهر يوليو من عام 64 للميلاد شب حريق هائل في روما لمدة ستة أيام متواصلة، متسببا في تدمير 70 بالمائة من المدينة وترك أكثر من نصف سكانها بلا مأوى. وثمة مقولة شائعة بأن الإمبراطور نيرون الذي كان يحكم روما آنذاك، والذي كان شخصا عابثا غير محبوب، "أخذ يعزف على الكمان بينما احترقت روما". ولهذه المقولة وجهان: الأول أن نيرون أخذ يعزف الموسيقى بينما كان شعبه يعاني، والآخر أنه كان زعيما فاشلا في وقت الأزمة.

لقد كان من السهل دائما إلقاء اللوم على نيرون، والذي كان له أعداء كثيرون ويوصف في الكثير من المراجع التاريخية بأنه أحد أكثر القادة سادية ووحشية في التاريخ بأسره – لكن هذه الرواية يعتريها عدد من جوانب القصور.

أولا: لم يكن الكمان موجودا في أيام روما القديمة، حيث يرى مؤرخو الموسيقى أن الآلات الوترية الساقية (ومن بينها الكمان) لم تظهر إلا في القرن الحادي عشر الميلادي. بمعنى أن نيرون إذا كان يمارس العزف فلا بد أنه يعزف على القيثارة، وهي آلة خشبية ثقيلة مزودة بما يتراوح بين أربعة وسبعة أوتار، لكن ليس ثمة دليل قاطع على أنه كان يعزف أثناء الحريق العظيم.

الثلاثاء، نوفمبر 06، 2012

كواكب أكثر، تلسكوبات أقل



أعلن علماء الفلك خلال الأسابيع القليلة الماضية عن اكتشافين غير عاديين في سياق البحث المستمر عن كواكب تدور حول نجوم غير الشمس. كان الاكتشاف الأول كوكبا بحجم نبتون يبعد عنا 5,000 سنة ضوئية ويدور حول أربعة نجوم فيما يشبه مجموعتنا الشمسية، وهو شبيه بكوكب "تاتوين" الذي ينتمي إليه "سكايووكر" بطل سلسلة حرب النجوم الشهيرة، والفرق الوحيد بينهما هو أن تاتوين كان يدور حول نجمين اثنين فقط.

أما الكشف الثاني فكان كوكبا بحجم الأرض في نظام ألفا قنطورس القريب منا، والذي يضم ثلاثة نجوم تدور حول بعضها على بعد لا يتجاوز أربع سنوات ضوئية من مجموعتنا الشمسية. وبالإضافة إلى أن هذا الكوكب "الجديد" هو الأقرب إلينا مما تم اكتشافه، فإنه أيضا أقرب ما يمكن اكتشافه من كواكب. (وليس بغريب أن الكثير من كتاب الخيال العلمي – ولكن ليس جورج لوكاس – قد نسجوا الكثير من حكاياتهم في نظام ألفا قنطورس). الحرارة على سطح هذا الكوكب مرتفعة للغاية، تصل إلى 2000 درجة، لذا فمن المتوقع أن يكون سطحه منصهرا، إلا أن مجرد وجود هذا الكوكب يطرح بقوة احتمالية وجود كواكب أخرى تشبهه.

كل هذا مثير ومدهش، لكنه لا يمثل سوى جزء بسيط مما كان علماء الفلك يتوقعون التوصل إليه من اكتشافات في أيامنا. ففي منتصف التسعينيات، عندما بدأ اكتشاف الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية، أخذت ناسا تتحدث بفخر عن أنها بصدد إنتاج جيل جديد من التلسكوبات بهدف الكشف عن كواكب تتوافر فيها ظروف مناسبة للحياة.