الكاتب: جيمس مور
رابط المقال الأصلي
رابط المقال الأصلي
سوف يكتفي الكثيرون بإبداء لامبالاتهم تجاه التقارير التي تفيد بأن بريكست قد التهم "قضمة كبيرة" من الشواغر الوظيفية في القطاع المصرفي.
لقد تراجعت الفرص/ الشواغر الوظيفية المتاحة للمصرفيين الأثرياء بنسبة 39 بالمائة وفقاً لشركة التوظيف مورغان ماكينلي- فهل يهم هذا أحداً؟
هذا الفهم مقبول، لكنه مبني على مغالطة.
أياً يكن رأيك، فإن القطاع المالي بلندن يمثل جزءاً بالغ الأهمية من اقتصاد المملكة المتحدة. تسهم مؤسسات هذا القطاع ويسهم موظفوه بحصة كبيرة من إجمالي الإيرادات الضريبية لبريطانيا.
وإذا انخفضت أعداد الوظائف المتاحة للمصرفيين وركد نشاط المركز المالي بلندن فإن الإيرادات الضريبية ستتراجع، ما يؤدي إلى شح في الأموال المتاحة لدائرة الصحة الوطنية وللمدارس ولغيرها من الخدمات التي تقدمها الحكومة ويعتمد عليها المواطنون، وهي الخدمات التي نال منها التقشف أصلاً وباتت بحاجة ماسة للاستثمار فيها.
وتقدم هذه الأرقام دليلاً إضافياً - وليس الأمر بحاجة إلى دليل إضافي- على أن المملكة المتحدة تتصرف مثل الذي يطلق النار على قدميه ببندقية صيد ثم يعيد تلقيم السلاح ليطلق النار على يديه أيضاً.
وإنه لمن المدهش أن نشهد كل هذا الجنون في بلد كان الناس يرونه أقرب إلى التعقل. ألم يستخدم أحدهم ذات يوم وصف "قوي ومستقر" لهذا البلد؟ إنه لم يعد كذلك أبداً، بل على العكس تماماً.
غير أن هذه الأرقام ينبغي ألا تحدث مفاجأة للسبب التالي: تطالب المؤسسات المالية في لندن ومعها سائر القطاعات الأخرى بمعلومات واضحة لم تحصل عليها بعد، ولكنها بحاجة إليها للخروج من ورطتها.
وقد دأبت هذه المؤسسات على تأسيس شركات تابعة لها في أوروبا وملأتها بالموظفين وأخذت بالاستعداد لتداعيات الفشل في التوصل إلى اتفاق. ونتيجة لذلك، تخرج علينا تباعاً تقارير اقتصادية بائسة الواحد تلو الآخر، كما تتراكم المركبات التالفة في مرآب الخردة.
تشير بعض الشواهد إلى أن القطاع المالي لن ينجو من تداعيات بريكست لكنه مستعد وقادر أكثر من القطاعات الأخرى على التعامل مع الفوضى وحالة الترقب المستمر لما بعد بريكست.
ومن يتأمل في حقيقة أن محركات القطاع المالي ستواصل العمل ببطء بينما يتداعى ما تبقى من الاقتصاد، لن يجد في الأمر كثيراً من العزاء.
ولطالما كنت أرى أن حصة المركز المالي في قطاع الشركات البريطاني أكبر مما ينبغي، وأنه يحظى بالكثير من الدلال بالرغم من الفضائح التي لا تنفك تشوه صورته بانتظام، وأنه يملك نفوذاً زائداً على صانعي السياسات.
وأعلم أنني لست الوحيد الذي يرى أن إعادة التوازن للاقتصاد البريطاني ستجعل الأوضاع أفضل؛ إذ لا بد من توجيه المزيد من الاهتمام لرعاية القطاعات الأخرى.
غير أن بريكست ليس الوسيلة الوحيدة للقيام بذلك، بل على العكس تماماً. سوف يؤدي بريكست إلى تدمير كافة القطاعات، فهو ليس سوى مثال على الغباء الشامل. وهذا يسلط الضوء على الموضوع ببساطة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق