الجمعة، ديسمبر 21، 2012

الآثار الاقتصادية لإصدار الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس (DSM-5)

ألين فرانسيس*

تستعد جمعية الطب النفسي الأمريكية لإصدار النسخة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي (DSM-5)، والذي يعد المرجع الأول في تشخيص مختلف الاضطرابات العقلية، ولكن الجمعية فيما يبدو لا تلقي بالا للمبالغ الكبيرة التي سيتسبب هذا الإصدار في إنفاقها.

تترتب آثار اقتصادية كبيرة على ترسيم الحدود الفاصلة بين ما هو طبيعي وما يدخل في تصنيف الاضطرابات العقلية؛ فتشخيص المرض العقلي يعني فتح أبواب الإنفاق على مصاريعها لدفع تكاليف مراجعة الأطباء، وإجراء الاختبارات، وتلقي العلاجات (والتعامل أيضا مع آثارها الجانبية)، والطب الشرعي والسجون، والاعتبارات الخاصة بالإعاقات، وتخصيص الموارد التعليمية، والتغيب المستمر.

إننا نواجه بالفعل تضخما في التشخيص النفسي ومبالغة كبيرة في استخدام العقاقير النفسية التي تكون في أغلب الأحيان مرتفعة الثمن ومؤذية وغير ضرورية.

الأحد، ديسمبر 16، 2012

قراءة في كتاب "ثمن الخوف: القاعدة وحقيقة الحرب المالية على الإرهاب" لإبراهيم وردة


ما تزال أحداث 11 سبتمبر 2001 تلقي بظلالها على المشهد العالمي بأسره، وما فتئ الغموض يحيط بهذه الأحداث التي شاهدها العالم قاطبة على شاشات التلفزة على الهواء مباشرة، ولم تفلح آلاف الصفحات في كشف النقاب عما جرى، وعما ترتب على ما جرى، إلا في شذرات متناثرة تلقي الضوء على بعض الجزئيات هنا وهناك لعلها تسهم في رسم صورة كاملة لما يمكن أن يكون قريبا من الحقيقة.

وفي هذا السياق يأتي كتاب "ثمن الخوف: القاعدة وحقيقة الحرب المالية على الإرهاب" لمؤلفه إبراهيم وردة، الأستاذ المساعد في جامعة تافتز بولاية ماستشوستس الأمريكية، والذي يتناول الجانب الأكثر سطوعا من الحرب على الإرهاب (على الأقل حتى تاريخ نشر الكتاب في عام 2007) وهو ما أسماه الكاتب الحرب المالية على الإرهاب.

بعد انجلاء الغبار عن ركام برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، بدا الرأي العام الأمريكي والعالمي في حالة ترقب لردة الفعل التي ستصدر عن القوة العظمى في هذا العالم بعد أن اعتُدي عليها في عقر دارها للمرة الأولى بهذا الحجم الهائل. كانت المشكلة تتمثل ببساطة في غياب الكيان المادي/ الفيزيائي للعدو الذي ينبغي لواشنطن أن تصب جام غضبها على رأسه، وبعد بحث قصير تقرر أن تكون الحرب على أفغانستان "لأن النصر فيها سيكون سهلا" كما قال أحد القادة العسكريين الأمريكيين آنذاك.

الخميس، ديسمبر 06، 2012

ناسا مهددة بفقدان مكانتها في حقل الفضاء


 

بعد سنوات طويلة من إنجاز الكثير من العمل بالقليل من المال، أصبحت ناسا مهددة بفقدان دورها الرائد في استكشاف الفضاء لصالح دول أخرى، وذلك حسب تقرير حديث يدعو وكالة الفضاء الأمريكية إلى اتخاذ قرارات حاسمة حول استراتيجيتها طويلة الأمد وخططها المستقبلية.


وبينما تتضخم استثمارات الدول الأخرى (ومن بينها دول معادية) في الفضاء، لم يطرأ تغير يذكر على التمويل الذي تتلقاه ناسا من الحكومة الاتحادية سوى أنه بات أكثر عرضة للتخفيض. ومع ضبابية الرؤية الاقتصادية وتزايد الصعوبات المالية التي تواجهها الولايات المتحدة لم يعد بوسع الوكالة إحراز تقدم ملموس نحو إنجاز بعض مشاريعها الطموحة مثل إرسال رواد فضاء إلى المريخ أو أحد الكويكبات والعمل في الوقت ذاته على إنشاء مرصد جيمس ويب الفضائي بقيمة 8.8 مليار دولار، وذلك وفقا للتحليل الصادر عن المعهد الوطني للأبحاث.


يقول معدو التقرير، وهم 12 خبيرا مستقلا بقيادة مدير جامعة كاليفورنيا في لوس أنجيلوس ألبرت كارنسيل: "هذه المشكلات ليست بالضرورة من صنع ناسا، لكن الوكالة تستطيع التعامل مع هذه الأوضاع بصورة أفضل" ويضيفون: "إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في الاحتفاظ بمكانتها المتقدمة في مجال الفضاء فإن عليها أن تعد برنامج فضاء يتصف بالثبات والجرأة والأهمية العلمية مع السماح بمشاركة الدول الأخرى، ويتعين على واشنطن أيضا أن تتصرف كشريك يمكن الاعتماد عليه. وعلى الرغم من أن الأمريكيين احتفظوا بالريادة والتفوق الفني لعقود طويلة، فإن الكثير من العناصر المذكورة غير موجود اليوم".

الأحد، نوفمبر 25، 2012

الطيار الذي أنقذ موته الملايين


مع بزوغ فجر اليوم الثاني عشر من أزمة الصواريخ الكوبية أصبح الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من خوض حرب نووية مدمرة. ففي ذلك الصباح أسقط صاروخ سوفيتي طائرة استطلاع أمريكية من طراز (U-2) كان على متنها الرائد رودلف أندرسون من سلاح الجو الأمريكي فوق الأجواء الكوبية. وبسبب وفاة ذلك الطيار، وهو القتيل الوحيد في تلك المواجهة، وصل التوتر بين القوتين العظميين إلى الذروة، ثم ما لبث الطرفان أن تراجعا عن خوض حرب نووية كانت ستؤدي إلى سقوط الملايين من الضحايا.

الرائد في سلاح الجو الأمريكي رودلف أندرسون
بتاريخ 27 أكتوبر 1962، حلق الرائد رودلف أندرسون بطائرته في أجواء كوكب تتنازعه الصراعات. وقبل اثني عشر يوما كان هذا الضابط قد نفذ إحدى المهمات الاستطلاعية المبكرة فوق كوبا والتي أكدت وجود مواقع للصواريخ السوفيتية على مسافة لا تتجاوز 90 ميلا من الأراضي الأمريكية. لم يكن من المقرر أن ينفذ أندرسون طلعة جوية في ذلك اليوم، إلا أنه بذل جهدا كبيرا لكي ينفذ المهمة بنفسه بعد أن رآها في جدول العمليات. كانت العملية تحمل رقم 3127، وهي الطلعة الجوية السادسة التي ينفذها أندرسون في الأجواء الكوبية في إطار ما يعرف باسم "عملية المقبض النحاسي" والأكثر خطورة في سجله الشخصي، حيث كانت صواريخ أرض-جو السوفيتية جاهزة للانطلاق وباتت الحرب وشيكة.

بعد فترة وجيزة من دخول أندرسون للأجواء الكوبية تمكنت الرادارات الروسية من رصد طائرته التي لم تكن مزودة بالسلاح وكانت تحلق على ارتفاع كبير. وخشي السوفيت من أن الطيار ربما جاء لكي يلتقط صورا للمواقع السرية التي كانوا يحتفظون فيها بأسلحتهم النووية بالقرب من قاعدة غوانتانامو البحرية الأمريكية، حيث قال الفريق ستيفان غريتشكو مخاطبا أحد الضباط: "لقد مكث ضيفنا في الجو أكثر من ساعة، أعتقد أن علينا إصدار الأمر بإسقاط طائرته لأنها تتجسس على مواقعنا في العمق". ولما لم يكن القائد الأعلى، وهو الشخص الوحيد المخول بإصدار الأمر بإطلاق صواريخ أرض-جو، متواجدا فقد أصدر غريتشكو الأمر بنفسه: "دمروا الهدف رقم 33".

الخميس، نوفمبر 22، 2012

هل كان نيرون يعزف على الكمان أثناء حريق روما؟


في شهر يوليو من عام 64 للميلاد شب حريق هائل في روما لمدة ستة أيام متواصلة، متسببا في تدمير 70 بالمائة من المدينة وترك أكثر من نصف سكانها بلا مأوى. وثمة مقولة شائعة بأن الإمبراطور نيرون الذي كان يحكم روما آنذاك، والذي كان شخصا عابثا غير محبوب، "أخذ يعزف على الكمان بينما احترقت روما". ولهذه المقولة وجهان: الأول أن نيرون أخذ يعزف الموسيقى بينما كان شعبه يعاني، والآخر أنه كان زعيما فاشلا في وقت الأزمة.

لقد كان من السهل دائما إلقاء اللوم على نيرون، والذي كان له أعداء كثيرون ويوصف في الكثير من المراجع التاريخية بأنه أحد أكثر القادة سادية ووحشية في التاريخ بأسره – لكن هذه الرواية يعتريها عدد من جوانب القصور.

أولا: لم يكن الكمان موجودا في أيام روما القديمة، حيث يرى مؤرخو الموسيقى أن الآلات الوترية الساقية (ومن بينها الكمان) لم تظهر إلا في القرن الحادي عشر الميلادي. بمعنى أن نيرون إذا كان يمارس العزف فلا بد أنه يعزف على القيثارة، وهي آلة خشبية ثقيلة مزودة بما يتراوح بين أربعة وسبعة أوتار، لكن ليس ثمة دليل قاطع على أنه كان يعزف أثناء الحريق العظيم.

الثلاثاء، نوفمبر 06، 2012

كواكب أكثر، تلسكوبات أقل



أعلن علماء الفلك خلال الأسابيع القليلة الماضية عن اكتشافين غير عاديين في سياق البحث المستمر عن كواكب تدور حول نجوم غير الشمس. كان الاكتشاف الأول كوكبا بحجم نبتون يبعد عنا 5,000 سنة ضوئية ويدور حول أربعة نجوم فيما يشبه مجموعتنا الشمسية، وهو شبيه بكوكب "تاتوين" الذي ينتمي إليه "سكايووكر" بطل سلسلة حرب النجوم الشهيرة، والفرق الوحيد بينهما هو أن تاتوين كان يدور حول نجمين اثنين فقط.

أما الكشف الثاني فكان كوكبا بحجم الأرض في نظام ألفا قنطورس القريب منا، والذي يضم ثلاثة نجوم تدور حول بعضها على بعد لا يتجاوز أربع سنوات ضوئية من مجموعتنا الشمسية. وبالإضافة إلى أن هذا الكوكب "الجديد" هو الأقرب إلينا مما تم اكتشافه، فإنه أيضا أقرب ما يمكن اكتشافه من كواكب. (وليس بغريب أن الكثير من كتاب الخيال العلمي – ولكن ليس جورج لوكاس – قد نسجوا الكثير من حكاياتهم في نظام ألفا قنطورس). الحرارة على سطح هذا الكوكب مرتفعة للغاية، تصل إلى 2000 درجة، لذا فمن المتوقع أن يكون سطحه منصهرا، إلا أن مجرد وجود هذا الكوكب يطرح بقوة احتمالية وجود كواكب أخرى تشبهه.

كل هذا مثير ومدهش، لكنه لا يمثل سوى جزء بسيط مما كان علماء الفلك يتوقعون التوصل إليه من اكتشافات في أيامنا. ففي منتصف التسعينيات، عندما بدأ اكتشاف الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية، أخذت ناسا تتحدث بفخر عن أنها بصدد إنتاج جيل جديد من التلسكوبات بهدف الكشف عن كواكب تتوافر فيها ظروف مناسبة للحياة.

الاثنين، أكتوبر 22، 2012

مسرحية أمريكية بعنوان "السقوط" تتناول أثر التوحد على الأسرة


توالى صدور المراجعات النقدية لمسرحية جديدة تتناول قضية لا تحظى بالكثير من الاهتمام في وسائل الإعلام المختلفة، وهي المشاعر التي تنتاب أفراد الأسرة الذين ينمو بينهم طفل توحدي محبوب لا يلبث أن يتحول عندما يكبر إلى عملاق لا يتسم باللطف دائما.

وهذه المسرحية بعنوان "السقوط" هي من بنات أفكار ديانا جينت، وهي أم لطفل توحدي قررت الاستفادة من تجربتها الخاصة مع التوحد في تأليف هذا العمل الذي وصفه بعض النقاد بأنه "دراما عائلية دافئة ومتميزة، تحيط بها ظلال من الكوميديا السوداء".

تتمحور أحداث مسرحية "السقوط" حول "جوش": شاب توحدي ضخم الجثة يبلغ من العمر 18 عاما ويعيش مع أسرته في منزل العائلة، كان في طفولته يتعرض لبعض النوبات الخفيفة التي تحولت مع تقدمه في السن إلى ثورات غضب عارمة بات والداه بسببها في خطر التعرض لأذى بدني كبير.

الجمعة، أكتوبر 19، 2012

لعنة جورج بوش الابن تطارد ميت رومني



يعاني ميت رومني في الوقت الحالي من مشكلة مؤرقة اسمها جورج بوش الابن.

 وهذه المشكلة في الحقيقة هي أكبر المعضلات التي يواجهها رومني. فالرئيس السابق جورج بوش الابن، وليس باراك أوباما، هو الذي أثار الشكوك لدى الكثير من الناخبين حول أساسيات سياسة رومني. وجورج بوش الابن، وليس المستشار الاستراتيجي في حملة أوباما ديفيد بلوف، هو الذي أقنع الناخبين بأن الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد ليست بالضرورة من صنع أوباما. وهكذا يمكن القول إن على رومني أن يواجه خوف الناخبين من تكرار تجربة جورج بوش الابن، وبالقدر نفسه تعاطفهم مع أوباما، إذا أراد أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة.

وقد حصل رومني على فرصة لتحقيق الأمرين معا خلال المناظرة الأخيرة التي أجريت يوم الثلاثاء الماضي، عندما وقف أحد الناخبين من مقاطعة ناسو (نيويورك) وتوجه إلى رومني بالسؤال قائلا: "أنا ناخب لم أحدد موقفي بعد بسبب خيبة أملي من ضعف التقدم الحاصل خلال السنوات الأربع الأخيرة، ولكنني في الوقت نفسه أعزو الكثير من أزمات أميركا الاقتصادية والدولية إلى الفشل والتخبط اللذان اتسمت بهما إدارة بوش. وبما أنك جمهوري مثل بوش فإنني أخشى من العودة إلى السياسات التي كانت متبعة آنذاك في حال فوزك بالانتخابات. ما هو أكبر الفوارق بينك وبين جورج بوش؟ وكيف تميز نفسك عنه؟"

الاثنين، أكتوبر 08، 2012

تحويل أزمة العملة في إيران إلى ثورة


في خضم المد المعتاد من نظريات المؤامرة، أطلق الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تصريحا ذكيا في خطاب بثه التلفزيون الإيراني الأسبوع الماضي قال فيه: إن الغرب يشن "حربا" اقتصادية ضد إيران.

والواقع أن نجاد كان محقا فيما قال؛ فانهيار الريال الإيراني هو أول علامة واضحة على طريق انتصارنا، ولا شك في أن فقدان الريال 40% من قيمته أمام الدولار الأمريكي منذ أواخر سبتمبر الماضي مؤشر على مخاوف مما هو أشد خطورة: فصادرات النفط هبطت إلى مستوى مليون برميل يوميا مقابل 2.2 مليون برميل العام الماضي، وانخفضت واردات النفط الربعية بمقدار 15 مليار دولار. أما التضخم، الذي تزعم الحكومة أنه لا يتجاوز 25%، فمن المرجح أنه بلغ 70%، ومن المرجح أيضا أن المستوى الحقيقي للبطالة يزيد بثلاثة أضعاف عن النسبة المعلنة وهي 12%. وما زالت البلاد تعاني من نزيف الاحتياطيات الأجنبية والتي كانت تقدر بحوالي 110 مليار دولار في نهاية عام 2011.

سوف يقول منتقدو العقوبات إن هذه الضربات الاقتصادية لم تغير من الموقف المتشدد للقيادة الإيرانية حيال برنامجها النووي، حيث صرح مسؤولون إيرانيون في 2 أكتوبر بأن طهران سوف تعمد في حال فشل المفاوضات الجارية حاليا إلى رفع درجة تخصيب اليورانيوم الموجود بحوزتها من 20 بالمائة إلى 60% بحيث يصبح وقودا لأسطول الغواصات النووية (وهو غير موجود أصلا)، بحيث تقترب درجة التخصيب إلى المستوى الكافي لصناعة قنبلة نووية وهو 90 بالمائة.

الخميس، أكتوبر 04، 2012

عن سوريا وتركيا والمسألة الكردية

لم تتضح بعد الجهة التي أطلقت القذائف على تركيا من سوريا، متسببة بمقتل امرأة وأطفالها الأربعة، أو سبب قيامها بذلك. لكن إذا كانت تركيا تنوي شن حملة توغل كبيرة داخل الحدود السورية فإن الهدف من هذه الحملة لن يكون مجرد ضمان أمن الحدود بين البلديم أو دعم ما يسمى بالجيش الحر فحسب، وإنما ستكون الغاية الرئيسية منها هي سحق المقاتلين الأكراد.
 
لم يكن لدى الحكومة التركية من خيار سوى الرد على القصف من الجانب السوري، وإلا فإنها كانت ستتعرض لانتقادات عاصفة في الداخل وستوصف بأنها ضعيفة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن أنقرة تصرفت في ظل ظروف سياسية داخلية متغيرة، حيث أقر البرلمان اليوم مشروع قانون يمنح رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان حق إرسال قوات عسكرية إلى "دول أجنبية" دون الحاجة لموافقة السلطة التشريعية.

واللافت أن الحكومة تقدمت بمشروع القانون في يوم 20 سبتمبر الماضي، أي قبل حادثة القصف بأسبوعين فقط. ومن المقرر أن يعتمد البرلمان خلال الأسبوع المقبل مشروع قرار مماثلا يجيز للقوات التركية التوغل داخل حدود العراق. وعلينا أن نتنبه إلى أن الهاجس الأمني الأكبر لدى الأتراك خلال الأسابيع القليلة الماضية لم يكن يدور حول تطورات الاضطرابات في سوريا وإنما تركز بصورة خاصة على المسلحين الأكراد، ولهذا ما يبرره.

الاثنين، سبتمبر 24، 2012

قراءة في رواية "جنوب الحدود، غرب الشمس" للياباني هاروكي موراكامي


كيت ميرفي

يرى كثير من النقاد أن روايات هاروكي موراكامي متماثلة إلى حد التطابق. والواقع أن كتاباته تحوي الكثير من الموضوعات والشخصيات والمواقف المتشابهة. ولا تخرج رواية "جنوب الحدود، غرب الشمس" عن هذا الإطار. غير أن هذا لا ينفي وجود صفات فريدة يتميز بها كل عمل من أعمال هذا الكاتب عن غيره: هناك ظلال خفيفة، وفلسفات كبيرة وصغيرة، وملاحظات ومشاعر عشوائية تخرج عن نطاق التشابه في الموضوعات أو الشخصيات. ولعل هذه السمات المتفردة هي التي تميز كل عمل من أعمال موراكامي عما سواه.

"جنوب الحدود، غرب الشمس" هي رواية صغيرة مما يسهل قراءته في جلسة واحدة إن كنت ممن يتعجلون القراءة. لكنني أدعوك لأن تتمهل، لأن هذه الرواية مملوءة حكمة وحزنا. خذ وقتك بالكامل، ففي الرواية درس لك.

تضم الرواية كل ما هو موراكامي (وقد استخدمت الاسم هنا للوصف لا للإشارة إلى العلم). البطل "هاجيمي" هو رجل يعيد النظر في تفاصيل وجوده إبان تعرضه لأزمة منتصف العمر. هناك موسيقى، الجاز على وجه الخصوص، وامرأة ذات جمال أثيري تطارد هاجيمي بعد أن خرجت من ماضيه لتؤثر على حاضره. هناك جنس، وهناك حب عميق، وغموض، ورجل عليه أن يختار بين خيارات الحب واحتمالاته.

الأربعاء، سبتمبر 19، 2012

كل هذا الغضب من أجل جزر مكتظة بالأغنام!



يطلق عليها اليابانيون اسم "جزر سينكاكو"، بينما يعتمد الصينيون تسمية "جزر دياويو". أما أنا فأقترح اسما ثالثا هو: جزر الأغنام.

إنك لن تجد سوى الأغنام في تلك التكوينات الصخرية غير المأهولة التي يشمر الصينيون واليابانيون سواعدهم للحرب من أجلها بينما يتراشق الدبلوماسيون في طوكيو وبكين الاتهامات في أزمة دولية متضخمة أثارت مخاوف وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا من إمكانية وقوع "انفجار" عسكري، وهو آخر ما يحتاج إليه العالم في هذه الأيام العصيبة.

وليس في الأمر أي قدر من المبالغة، إذ من السهل تصور قيام إحدى المجموعات الغاضبة بجر اثنين من رجال الأعمال اليابانيين خارج مكاتبهما في شنغهاي والاعتداء عليهما بالضرب أو حتى القتل، ثم تخرج الأمور عن السيطرة بسرعة فائقة. ولهذا السبب فقد قررت "باناسونيك" و"كانون" إغلاق مصانعهما في الصين. وينطبق السيناريو السابق أيضا على السفن الحربية المرابطة قرب الجزر المتنازع عليها، حيث لا يبدو من المستحيل نشوب حرب ضخمة بسبب خطأ بسيط في الحسابات أو صدام غير مقصود مثلا.

السبت، سبتمبر 08، 2012

زرع مليون كاميرا أمنية إضافية في بانكوك



أعلن مسؤول رفيع المستوى في الشرطة التايلاندية عن خطة لزرع مليون كاميرا مراقبة إضافية تعمل بنظام الدائرة التلفزيونية المغلقة في العاصمة بانكوك بهدف تعزيز "السلامة العامة".

وأوضح المتحدث باسم جهاز الأمن في المدينة كامرونويت توبكراتشانغ أن زرع الكاميرات الإضافية يأتي في سياق تنفيذ مشروع يدعى "العين المعجزة"، وهو يهدف إلى استخدام الكاميرات الأمنية في منع الجريمة ومكافحتها. 

وأضاف المتحدث أن الصور التي تلتقطها كاميرات المراقبة سوف تساعد الشرطة في التحقيقات التي تجريها حول الجرائم المختلفة، ما يساعد في تعزيز السلامة العامة.

الأربعاء، سبتمبر 05، 2012

فيلم "معركة الجزائر" (1966): رؤية أخرى


تزامن احتفال الجزائر في هذا العام بالذكرى الخمسين لاستقلالها عن فرنسا مع نفض الغبار عن هذا الفيلم وإعادته إلى شاشات العرض من جديد بعد أن طواه النسيان أو كاد لمدة غير قصيرة. يحتل هذا الفيلم المرتبة 120 من بين أفضل 500 فيلم في تاريخ السينما وفقا لتصنيف مجلة إمباير البريطانية، كما أنه الفيلم الوحيد في التاريخ الذي ترشح لنيل جائزة الأوسكار في سنتين مختلفتين، ولم ينل الجائزة في المرتين. ويرى الكثير من النقاد أن "معركة الجزائر" هو واسطة العقد في أعمال المخرج الإيطالي غيلو بونتيكورفو، وأن أهمية الفيلم تتعدى قيمته التاريخية والسياسية إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.



ولي في هذا المقام ملحوظة استحوذت على تفكيري بينما كنت أتابع النصف الثاني من أحداث الفيلم، والذي يروي بطبيعة الحال قصة تحرر الجزائر من مستعمريها وتضحية الشعب الجزائري بكل فئاته وأطيافه في سبيل نيل الحرية والانعتاق من أسر الاحتلال والمحتلين. ولا يخلو الفيلم من مشاهد مؤلمة ما تزال تجد لها أثرا في النفس على الرغم من كل ما نرى ونسمع في هذه الأيام العصيبة، ولا يزال الفيلم قادرا للآن على تذكير الجزائريين بأن بلادهم كانت محتلة قبل خمسين عاما فقط، ولعل عرضه في هذه الأيام يجعلهم – أعني الجزائريين – يقارنون حاضرهم بماضيهم ويجروا تقييما لتجربة العقود الخمسة المنصرمة التي كانت أكثر سنواتها عجافا، للأسف.

الجمعة، أغسطس 24، 2012

قراءة في رواية "الهوية" لميلان كونديرا

 
رجل وامرأة في فندق عند ساحل نورماندي. المرأة حضرت للفندق قبل الرجل بيوم واحد وخرجت للتنزه. الرجل، وقد وصل للتو، يحاول العثور عليها. ويعثر عليها بالفعل – عند الشاطئ، تسير على غير هدى بين السياح والأطفال الذين يركبون يخوتا رملية. يناديها باسمها: "شانتال! شانتال!" ولا تلتفت إليه، ويتسلل إليه شعور بالقلق من أن أحد اليخوت الرملية ربما يكون قد صدمها. "شانتال!" يقترب منها راكضا، تستدير المرأة في اتجاهه و – إنها ليست هي. إنها امرأة أخرى. امرأة أكبر سنا، أقل جمالا، وبالتأكيد ليست رفيقته. كيف أمكنه أن يرتكب خطأ بهذه الجسامة؟

"الهوية" هي الرواية التاسعة لميلان كونديرا والثالثة المكتوبة باللغة الفرنسية، وهي تتناول بالطبع موضوع الهوية الإنسانية، وبخاصة صعوبة تكوينها وسهولة هدمها بالكامل. إنها قصة شانتال وجان مارك، في البداية من منظورها ثم من منظوره حيث يبحث كونديرا في الروابط الدقيقة التي تتألف منها العلاقات القوية أحيانا. وهذه أيضا، بغض النظر عن النهاية الغريبة التي تنتهي بخدعة ظالمة، هي منطقة كونديرا المفضلة، تلك المنطقة المضيئة الفلسفية الجنسية التي يملك فيها الرجال والنساء حياة داخلية مذهلة وقدرة متميزة على السخرية بلباقة من العالم بأسره، مهما كان قاتما.

هذه الرواية – والتي يمكن القول أيضا بأنها رواية قصيرة حيث لا يتجاوز عدد صفحاتها 153 – تبدأ بانتظار شانتال لجان مارك في الفندق على ساحل نورماندي، حيث سيقضيان إجازتهما معا. تشعر شانتال بالسأم من انتظار رفيقها فتخرج لتتمشى بمحاذاة المتاجر والشاطئ. تراقب في سيرها فقدان الرجال لرجولتهم وهم يتحولون من "الأب" إلى "البابا" ويتحملون المزيد من المسؤوليات الأسرية. تبدو هذه الأفكار مضحكة لها في البداية، لكن فكرة أخرى تباغتها: "أنا أعيش في عالم لن يعود فيه الرجال يديرون وجوههم إليّ أبدا". هذا ليس صحيحا بالطبع، لكنها لا تستطيع أن تتخلص من هذا الشعور. وفي وقت لاحق، عندما يصل جان مارك إلى الفندق، يقال له إنها قد خرجت. يقرر الخروج للبحث عنها، ويمشي في المسار نفسه تقريبا، ويلتقط ملاحظات شبيهة بالتي التقطتها شانتال.

الأحد، أغسطس 19، 2012

الفيلم الأمريكي "رجل المطر" إنتاج 1988


قليلة هي الأفلام التي تناولت موضوع التوحد والمصابين بهذا الاضطراب، ونادرة هي الأفلام التي عالجت الموضوع بشيء من الحرص والحكمة. وهذا الفيلم – فيما أعلم – هو الأول من نوعه من حيث تناوله لموضوع التوحد بهذه الصورة الموضوعية المباشرة. وحتى لو لم يكن الأول في الترتيب الزمني فهو بالتأكيد الأول في الترتيب الفني و"المهني" إن جاز التعبير. وللقارئ أن يتصور مدى وعي الناس – عامتهم وخاصتهم – باضطراب التوحد قبل ربع قرن من الآن حتى يدرك مدى ريادة هذا الفيلم وجرأته في الطرح وأسبقيته في هذا المضمار.

حقق الفيلم نجاحا كبيرا في عام 1988، وفاز بأربع جوائز أوسكار من أصل ثمان كان مرشحا للفوز بها، وجمعت شبابيك التذاكر حول العالم من مشاهديه أكثر من 354 مليون دولار، ونال رضا الكثير من النقاد ونسبة كبيرة ممن شاهدوه. والحق أن الفيلم مصنوع بإتقان كبير من الناحية الفنية البحتة، وكان أداء البطلين فيه (دستن هوفمان وتوم كروز) مميزا، ولعله من أفضل الأدوار التي قام بها الاثنان في مسيرتهما السينمائية الحافلة.

لكن يحق لمن قدر له، مثل كاتب هذه السطور، أن يعمل عن كثب مع المصابين بالتوحد وأسرهم أن يبدي رأيه فيما شاهد في هذا الفيلم من تجسيد لشخصية امرئ مصاب بالتوحد، بل بحالة خاصة من هذا الاضطراب لا يمكن بحال تعميمها على سائر التوحديين؛ وهذه هي الجناية الأولى التي ارتكبها "رجل المطر" والقائمون عليه عن غير قصد في الغالب: الوقوع في فخ التعميم وإيقاع المشاهدين فيه. ولا زلت لغاية الآن ألقى ردة الفعل المتعجبة نفسها عندما أخبر الناس بأن التوحديين ليسوا جميعا من العباقرة أو ممن يملكون "مواهب خاصة"، ولا حتى نصف التوحديين ولا أقل من ذلك بكثير. وهذا ينطبق على النطق والتخاطب أيضا: فالتوحديون نصفهم لا ينطقون أصلا، والنصف الآخر ممن ينطقون لا يتواصل السواد الأعظم منهم مع من حولهم كما كان يفعل ريموند/ دستن هوفمان مع شقيقه وصديقته على الإطلاق. ولو كانوا يتواصلون بهذه الصورة ويصنعون الروابط مع الآخرين بهذه السرعة لما كان في التعامل معهم من مشكلة قط!

السبت، أغسطس 18، 2012

قراءة في كتاب "رجال بيض أغبياء" لمايكل مور



احتل كتاب "رجال بيض أغبياء" لمايكل مور المرتبة الأولى على قائمة الكتب الأكثر مبيعا على جانبي المحيط الأطلسي، وقصة وصوله إلى هذه المرتبة لا تقل إثارة عن محتوى الكتاب نفسه.

مايكل مور مخرج أفلام وثائقية معروف، من أشهر أعماله فيلم "روجر وأنا" الذي تناول فيه جشع أصحاب الشركات الأمريكية. كان مور قد فرغ من إعداد كتابه هذا في مطلع عام 2011، وكان من المقرر أن يطرح الكتاب في الأسواق في يوم 11 سبتمبر من تلك السنة. وللقارئ أن يتصور ما حصل بعد ذلك التاريخ.

عشية الهجمات التي استهدفت مركز التجارة العالمي في نيويورك قررت دار النشر هاربركولينز، والتي يملكها روبرت مردوخ، أن الوقت لم يكن مناسبا لنشر كتاب يهاجم فيه مؤلفه النظام السياسي والاقتصادي الأمريكي.

والحقيقة أن هاربركولينز طالبت مور بإعادة كتابة 50% من كتابه وإسقاط بعض الفصول منه بالكامل ودفع 100.000 دولار لدار النشر مقابل 50.000 نسخة مكتملة الطباعة في طريقها للإتلاف!

في مثل هذا اليوم من المستقبل



·        2014: هبوط أول سياح فضاء على القمر، ومن بينهم أشتون كوتشر.
·        2018: جيمس كاميرون يصل إلى المريخ في مركبة فضائية من تصميمه.
·        2018: إطلاق أول دوري للهوكي بالملابس الداخلية.
·        2024: جامبو، وهو غوريلا يزن 650 رطلا، يتعلم الكلام بمساعدة برنامج للمحاكاة الآلية ويقول في جملته الأولى: "من فضلكم لا تدعوني جامبو".
·        2025: اختراع نيوتريتوث، وهو معجون للأسنان يحتوي على حاجة الجسم اليومية من الفيتامينات.
·        2027: الكشف عن جهاز آيفون 11، وهو الأول من نوعه الذي لا يشتمل على هاتف.
·        2030: دفن كبسولة زمنية في ولاية مونتانا تحتوي على خمسة أشياء تم اختيارها بواسطة استطلاع للرأي على مستوى الولايات المتحدة وهي: جهاز آيفون، ونموذج لطلب الطعام لدى مكدونالدز، وجهاز آيباد، وشطيرة ووبر، ونسخة من الدستور الأمريكي.
·        2034: افتتاح برج بينترست (102 طابق) في بالو ألتو بولاية كاليفورنيا. السطح الخارجي لهذا البرج مغطى بمساحات رقمية تسمح للموظفين داخله بعرض اهتماماتهم عليها.

الثلاثاء، أغسطس 07، 2012

قراءة في رواية "شرق المتوسط" لعبدالرحمن منيف



"إن هذه الرواية لا تعني أحداً، وتعني كل الناس أيضاً".

لست أدري إن كان كاتب هذه الكلمات هو عبدالرحمن منيف نفسه أو شخصا آخر (لعله الناشر)، ولكنها على أية حال موجودة على الغلاف الخلفي من النسخة التي اقتنيتها من هذه الرواية. الفكرة الأولى التي خطرت لي هي أن هذه الكلمات لا بد أنها كانت ذات تأثير هائل على القراء في فترة السبعينيات من القرن العشرين، عندما كان كل شيء مدهشا. 

و"شرق المتوسط" هي إحدى الروايات الأولى لعبدالرحمن منيف، أتم كتابتها في ربيع عام 1972 ونشرها بعد ذلك بسنتين تقريبا. وللمرء أن يتصور حجم الصدى الذي تولد عن الصيحة التي أطلقتها هذه الرواية في زمن ما بعد نكسة 1967، زمن سقوط حلم الوحدة العربية على رؤوس أصحاب الأفكار القومية، زمن ما بعد عبدالناصر.

الجمعة، أغسطس 03، 2012

لماذا يحرص بوتين على بقاء الناتو في أفغانستان


مارك تشامبيون


تصدر بوتين عناوين الصحف في نهاية الأسبوع الماضي عندما صرح بأنه يرغب في بقاء قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان وأنه سوف يسره أن يخصص أحد المطارات الروسية لإعادة توفير الإمدادات لتلك القوات. هل هذا الموقف غريب؟ لا، ليس غريبا.

حاول القوميون والشيوعيون الروس مهاجمة بوتين بعد القرار الذي اتخذه في مطلع العام الحالي بالسماح لقوات حلف شمال الأطلسي بنقل المعدات إلى أفغانستان عبر قاعدة جوية في أوليانوفسك (مسقط رأس لينين) سوف يبدأ تشغيلها خلال الشهر الحالي. وقد دافع بوتين عن قراره بالقول إنه يخدم المصالح الروسية.

ليس صحيحا أن بوتين وقع فجأة في غرام الغرب أو حلفه العسكري، بل إنه ما زال يكره حلف الناتو بروح الحرب الباردة. بل إن بعض المفردات التي استخدمها في تصريحاته الأخيرة تدل على أنه يتلذذ ببقاء القوات الأمريكية ومعاناتها في أفغانستان كما سبق وأن ساعدت الولايات المتحدة القوات السوفيتية على المعاناة في أفغانستان خلال الثمانينيات.

الجمعة، يوليو 20، 2012

عندما تأتي الشمس بالظلام


جيم ألغار

عندما أرسلت الشمس خلال الأسبوع الماضي عاصفة مغناطيسية في اتجاه الأرض استمع الأمريكيون للتحذيرات المعتادة في مثل هذه الظروف: احتمال انقطاع الكهرباء، واحتمال توقف خدمات الاتصالات وغيرها – وقد تجاهل أغلب الناس هذه التحذيرات.

يبدو أن هذه التحذيرات لا تنفك تترافق مع كل عاصفة شمسية. ولا شك في أن التكرار يفقد هذه التحذيرات تأثيراتها: "لقد سمعنا بهذا من قبل"، "إنهم يقولون الكلام نفسه في كل مرة".

ربما كرر الكنديون في كويبك الكلام نفسه يوم 13 مارس 1989: تجاهلوا التحذيرات وخرجوا باسمين إلى أعمالهم، إلى أن انطفأت الأنوار في ساعات الصباح المبكر واستمر الانقطاع لمدة 12 ساعة متواصلة بقي خلالها الناس مسجونين في المكاتب والمصاعد، واستيقظ من مكثوا في بيوتهم على وقع البرد القارس.

السبت، يوليو 07، 2012

مشكلة إسرائيل مع الربيع العربي


على الرغم من كل ما قيل عن الثورات العربية، فمن الواضح أنها تمثل مشكلة لإسرائيل. لكن ما مدى سوء هذه المشكلة، وماذا يتعين على الحكومة الإسرائيلية أن تفعل لتحمي نفسها من هذا الخطر؟ لقد استمعت لبعض الأفكار المثيرة للاهتمام – ولكنها لم تكن مشجعة كثيراً – حول هذا الموضوع من كبار المسؤولين في الحكومة خلال الأسبوع الماضي.

يمكن القول باختصار إن معظم المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن العلاقات مع العرب سوف تتجه تدريجياً إلى الأسوأ، وربما يستمر ذلك لبضعة عقود من الزمن، قبل أن تتجذر الممارسة الديمقراطية وتصبح الشعوب العربية مستعدة على الأرجح للقبول بوجود الدولة اليهودية. والتحدي الأكبر بالنسبة لإسرائيل هو كيفية تفادي إغضاب الرأي العام العربي، وهو عامل هام جديد، وحماية الدولة في الوقت نفسه.

وخير تمثيل للعقدة التي تواجهها إسرائيل اليوم هو انتخاب القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي رئيساً لمصر. وقد بادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإرسال برقية تهنئة باهتة له بمناسبة تنصيبه، عبر فيها عن أمله في أن تبقى العلاقات الإسرائيلية المصرية قائمة على التعاون بين الطرفين وفقاً لمصالحهما المشتركة. ولكن هذه الرسالة تخفي وراءها الكثير من القلق مما هو قادم.

لماذا تقف روسيا إلى جانب سوريا



يعتقد الكثيرون في الغرب أن الدعم الروسي لسوريا إنما ينبع من رغبة موسكو في جني الأرباح من بيع الأسلحة لحكومة بشار الأسد والاحتفاظ بقاعدتها البحرية في ميناء طرطوس السوري. غير أن هذه التكهنات لا تعدو كونها سطحية ومضللة. إن السبب الحقيقي وراء مقاومة روسيا لأي إجراء دولي قوي ضد نظام الأسد هو خشيتها من انتشار التطرف الإسلامي واضمحلال مكانتها بين القوى العظمى في العالم في وقت يشهد تزايد اعتماد الدول الغربية على تنفيذ عمليات عسكرية أحادية الجانب.

بلغ مجموع قيم صفقات التسلح التي عقدتها سوريا مع روسيا منذ عام 2005 حوالي 5.5 مليون دولار، وكانت هذه الصفقات موجهة في الغالب إلى تحديث القوة الجوية والدفاع الجوي السوريين. وقد عمدت روسيا إلى تأجيل الكثير من تلك الصفقات لأسباب سياسية بالرغم من أن سوريا التزمت إلى حد كبير بتسديد مستحقاتها في موعدها، بل إن إحدى الصفقات لشراء أربع طائرات ميغ 31 المقاتلة ألغيت بالكامل. وتم الكشف مؤخراً عن أن روسيا كانت قد أوقفت تسليم أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي (S-300) لسوريا.

لا شك في أن سوريا من أهم المستوردين من روسيا، لكن هذا لا يعني أنها من أهم مشتري السلاح من موسكو – حيث لم تمثل المشتريات السورية سوى 5% فقط من إجمالي مبيعات السلاح الروسية في عام 2011. والواقع أن روسيا امتنعت لوقت طويل عن تزويد دمشق بأكثر الأسلحة تطوراً لكي تتجنب إغضاب إسرائيل والغرب، ما أدى في بعض الأحيان إلى الإضرار بالعلاقات التجارية والسياسية بين دمشق وموسكو.

الأربعاء، يونيو 27، 2012

الشرعية الديمقراطية كما تحدث عنها عبدالإله بلقزيز


حضرت مؤخرا محاضرة ألقاها الأستاذ الدكتور عبدالإله بلقزيز في منتدى شومان بعمان كان عنوانها :"في أزمة الشرعية الديمقراطية" تناول خلالها بالنقد الموضوعي قضايا كثيرة ملحة، واستعرض فيها من التاريخ القديم والمعاصر ما أثبت أن مسألة الشرعية الديمقراطية ليست بالبساطة التي يتصورها الكثيرون، خاصة بعد أحداث ما يسمى الربيع العربي.

أ.د. عبدالإله بلقزيز
لم يشأ المحاضر أن يستخدم معوله الفكري منذ البداية في هدم القصور التي بناها أصحاب الأحلام الوردية في مناماتهم الإعلامية، فتحدث في البداية عن شروط الديمقراطية ومبادئها والأسس التي تقوم عليها، وقدم مجموعة من الأمثلة التي تدعم صحة أقواله. بعد ذلك أخذ في تفكيك الحال المزرية التي وصلنا إليها وشرح ببساطة متناهية سبب يقينه بأننا لا نزال بعيدين عن التطبيق الحقيقي للديمقراطية: لا بالروح وحتى بالشكل.

من أبرز النقاط التي أوردها بلقزيز في محاضرته ووجدتني أوافقه فيها تماما: صناديق الاقتراع لا تأتي بالديمقراطية؛ الديمقراطية هي التي تأتي بصناديق الاقتراع. ما يجري الآن في مصر ليس ديمقراطية حقيقية، بل دكتاتورية شعبية تدعمها صناديق الاقتراع. وسوف يبقى الوضع كذلك ما لم يتوافق الجميع على عقد اجتماعي حقيقي يخرجنا من ذهنية "معركة صناديق الاقتراع".

الاثنين، يونيو 25، 2012

هل أوباما مسؤول عن انتكاسات الربيع العربي؟



قبل سنة من الآن وصف باراك أوباما الموجة العارمة من الثورات التي انطلقت في مصر وتونس بأنها "فرصة تاريخية" للولايات المتحدة كي "تسعى لجعل العالم كما ينبغي أن يكون". وقال أوباما آنذاك إن أميركا يجب أن تدعم "التغيير الذي يكرس تقرير المصير والفرص"، مؤكداً أن "بوسعنا أن نصنع الفرق" فيما يتعلق بنتائج الانتفاضات الشعبية.

أما اليوم فقد بدأ ما سمي خطأً بالربيع العربي يأخذ منحى الفوضى العارمة: إذا اندلعت الحرب الأهلية في سوريا فسوف تنتقل بكل سهولة إلى سائر بلاد الشام. وفي مصر، سوف يؤدي فوز المرشح الإسلامي بالانتخابات الرئاسية الديمقراطية إلى صراع على السلطة مع الجيش. لا تزال النزاعات السياسي العنيفة قائمة في كل من اليمن وليبيا والبحرين. وحدها تونس التي يبدو أنها تمضي للأمام إلى عهد جديد من الديمقراطية والتنمية اللتين وعد أوباما بدعمهما، ولكن لم يتبين لغاية الآن مدى التسامح الذي ستبديه الحكومة الإسلامية الجديدة.

وليس ثمة حاجة للقول إن الشرق أوسطيين أنفسهم هم المتسبب الرئيسي في كل ما جرى، لكن بالنظر إلى التوقعات التي صاغها أوباما يكون من المنصف أن نتساءل: ما مدى مسؤوليته عن كل ذلك؟

الثلاثاء، يونيو 19، 2012

فيسبوك يشتري شركة إسرائيلية متخصصة في التعرف على الوجوه


نيويورك تايمز
أكمل موقع فيسبوك، الذي يملك أكبر مستودع للصور على مر التاريخ، صفحة الاستحواذ على شركة إسرائيلية تدعى "face.com"، وهي شركة متخصصة في تقنيات التعرف على الوجوه. ولم تفصح الشركتان عن قيمة الصفقة ولا عن شروطها.

ولم يكن الإعلان عن هذه الصفقة مفاجئاً إلى حد كبير؛ حيث أن فيسبوك يتعاون مع هذه الشركة منذ عامين في التعرف على الأشخاص الموجودين على الشبكة الاجتماعية والتواصل معهم. ومن أحدث منتجات شركة "فيس.كوم" تطبيق يسمح للمستخدم بالنقر على صور "الأصدقاء" على فيسبوك وربطها بصورة أوتوماتيكية قبل نشرها على الموقع، وهذا التطبيق يعمل الآن على أجهزة آيفون فقط.

هذا التطبيق بحد ذاته يمثل جاذبية كبيرة بالنسبة لموقع مثل فيسبوك، الذي يقوم مشتركوه بتحميل 300 مليون صورة يومياً في آخر إحصائية، كما أن التعرف على صور الأصدقاء في فيسبوك على أجهزة الهاتف المحمول (وهو الهدف التالي لشركة فيسبوك) ليس بالسهولة ذاتها على شاشات أجهزة الكمبيوتر.

السبت، يونيو 16، 2012

قراءة في كتاب "الغرابة: المفهوم وتجلياته في الأدب"


مؤلف الكتاب هو وزير الثقافة المصري السابق د. شاكر عبد الحميد، وقد عمل أستاذاً لعلم نفس الإبداع في أكاديمية الفنون بوزارة الثقافة في مصر. تمتاز كتابات عبدالحميد بوفرة المادة العلمية وبسلاسة أسلوب الكتابة حتى إن القارئ لا يمل منها ولا يكل، متخصصاً كان أو غير متخصص. وتنم كتابات عبدالحميد عن ثقافة واسعة واطلاع كبير، وهو يأبى إلا أن يحيط بالموضوع من جميع جوانبه قبل أن يقدمه للقارئ في صورته الأخيرة. وقد صدر الكتاب عن سلسلة عالم المعرفة التي يصدرها المجلس الوطني للفنون والآداب بدولة الكويت في عددها رقم 384 الصادر في يناير 2012.

غلاف الكتاب
تتميز كتابات عبدالحميد بالربط بين الأدب والفن وعلم النفس جميعاً كما في كتاب "الأدب والجنون"، و"الأسس النفسية للإبداع الأدبي للقصة القصيرة"، و"العملية الإبداعية في فن التصوير"، و"الفكاهة والضحك"، و"الخيال" وغيرها. وهو يتجنب في كتاباته الألفاظ الصعبة المستعصية، ويبتعد أيضاً عن السخيف المبتذل، فتخرج كتبه رصينة ذات وزن واحترام.

قسم الكاتب كتابه إلى تسعة فصول استبقها بتوطئة قدم فيها شرحاً مختصراً لفكرة الكتاب وتوزيع فصوله، وقدم فيها شكره لمن ساعدوه في إتمام الكتاب وإخراجه على صورته المنشورة. ثم بدأ الفصل الأول "حول معنى الغرابة" بسرد جزء من قصة السندباد البحري جعله مدخلاً للغرابة. ولعل الكاتب قد قصد أن يستهل فصول كتابه بنموذج من الأدب العربي يحاور فيه القارئ غير المتخصص ويستفز تفكيره بما يعلم، قبل الانتقال به إلى ما لا يعلم والخروج من دائرة الأدب العربي إلى الأدب الغربي. وقد حرص المؤلف في هذا الفصل على تقديم مجموعة من التعريفات لعدد من المفردات مثل الغربة والغرابة والوحشة والتغريب والاغتراب وغيرها، عند أدباء العرب ومفكري الغرب على حد سواء، وذلك بهدف التمييز بين هذه المفردات ومنع حصول الالتباس بينها.

الأحد، يونيو 10، 2012

ألمانيا، لا اليونان، هي التي يجب أن تغادر منطقة اليورو


كل الجدل القائم حول إيجابيات وسلبيات خروج اليونان من منطقة اليورو يتجاهل النقطة الجوهرية التالية: خروج ألمانيا ربما يكون أكثر نفعاً لجميع الأطراف المعنية.

وما لم يتخذ قادة أوروباً إجراءات حاسمة في وقت قريب، مثل اعتماد وتطبيق جزء من الأفكار الإصلاحية الكبيرة التي طرحوها، فإن العملة الموحدة سوف تمضي في طريقها إلى التفكك.

لقد انتقلت عدوى المشكلات التي تعاني منها اليونان وإيرلندا والبرتغال إلى إسبانيا، التي تملك رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، وربما تلحق بها إيطاليا. المشكلة أن بقية الدول الأعضاء في الوحدة النقدية لا تملك ما يكفي من الأموال لإنقاذها. ولن يؤدي المزيد من الإقراض إلا إلى زيادة تفاقم مشكلة تضخم الديون وتعميق الفجوة بين الشمال القوي والجنوب الأقل قوة. وفي غياب النمو الاقتصادي الإيجابي – وقد عادت أوروبا الآن إلى الركود – فإن عدة دول سوف تضطر إلى إعادة هيكلة ديونها السيادية. وبالنظر إلى التجربة المريرة التي عاشتها اليونان على مدى عامين في هذا الصدد فإن تكرار التجربة عدة مرات سوف يكون أمراً بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً.

الثلاثاء، يونيو 05، 2012

قراءة في رواية "ذات" لصنع الله إبراهيم


يلفت نظر القارئ قبل الشروع في قراءة الرواية تنويه مذيل باسم الناشر يقول فيه: "الوقائع الواردة في بعض فصول هذه الرواية منقولة عن الصحف المصرية، الحكومية منها والمعارضة، ولم يقصد بإعادة نشرها تأكيد صحتها أو المساس بمن تناولتهم وإنما قصد به المؤلف أن يعكس الجو الإعلامي العام الذي أحاط بمصائر شخصياته وأثر فيهم". صدرت الرواية قبل عشرين عاماً من الآن (1992)، ولا أدري إن كان الناشر سيضطر لوضع هذا التنويه في صدر الرواية لو أنها صدرت في هذه الأيام.

اختار صنع الله إبراهيم لبطلة الرواية اسماً غير مألوف هو "ذات"، وسمى الرواية باسمها. وثمة تطابق كامل بين نصف الرواية، على الأقل، وبين حياة ذات: فالرواية تبدأ ببداية ذات أو بمولدها، ولكن ذات لا تنتهي بانتهاء الرواية ولا تموت فيها على الأقل. أما النصف الآخر من الرواية، على الأكثر، الذي يبتعد عن الحياة الشخصية لذات، فهو الذي عمد فيه الكاتب إلى تقصي أحوال مصر في عقد من الزمان هو أسوأ العقود التي مرت بها أرض الكنانة في عصرنا الحديث على الإطلاق: ثمانينيات القرن العشرين.


وقد لجأ صنع الله إلى حيلة ذكية في السرد مكنته من تعريف القارئ بالجو العام الذي كانت تعيشه مصر في تلك السنوات العجاف دون أن يتحمل متاعب إقحام الأحداث في مسار الرواية إقحاماً، وعمد أيضاً إلى إقامة شبكة لامتناهية من الروابط بين الأخبار المنشورة في الصحف (الحكومية والمعارضة) وبين حياة ذات، والتي كانت طبيعة عملها قريبة أيضاً من الصحافة والأخبار. فمعظم ما يدور في حياة ذات ومن حولها يوجد له انعكاس ما في إحدى القصاصات، والعكس ربما يكون صحيحاً أيضاً. أي أن الرواية تظل ناقصة بدون القصاصات، والقصاصات تبقى غامضة دون الرواية، التي ما كانت لتكون لولا ذات.

الأحد، يونيو 03، 2012

الرقابة الإلكترونية في الصين لها نظير في الولايات المتحدة



ما هو عكس حرية التعبير؟ إذا كانت إجابتك "الرقابة الاستبدادية" فأنت مصيب، لكنك أيضاً صاحب فكر قديم.

في عصر الإنترنت، لا يزيد مفهوم الرقابة على السماح بحرية التعبير على نحو جزئي مؤقت قبل أن يتم وقفها بالكامل بمجرد أن يقال ما فيه الكفاية. والدولة الرائدة في هذا المجال، كما هي العادة هذه الأيام عند الحديث عن الحكم غير الديمقراطي، هي الصين، حيث كشف موقع التدوين المصغر "سينا ويبو" خلال الأسبوع الماضي عن نموذج معدل للرقابة.

يحصل المستخدم في البداية على 80 نقطة، ثم يحذف المراقبون نقاطاً على كل مخالفة، ومن أبرز هذه المخالفات بالطبع، وهي المفضلة لدى المراقبين دوماً: انتقاد الحكومة. ويمكن أن يخسر المستخدم نقاطاً أيضاً بسبب نشر الشائعات (وكنت أحسب أن هذا هو الهدف من وجود الإنترنت) أو الترويج للطائفية (ويبدو أن هذا موجه نحو الحركة الروحانية المحظورة المسماة فالون غونغ). ولن يتوانى المراقبون عن حذف تعليقاتك إذا لجأت فيها إلى المجاز أو التورية كما كان البعض يفعل لتفادي الرقابة في الماضي. وإذا فرغ رصيدك من النقاط فسوف يتم فصلك من الخدمة.

الجمعة، يونيو 01، 2012

قراءة في كتاب "الأردن على الحافة" لتشارلز جونستون



عمل مؤلف الكتاب سفيرا لبريطانيا لدى المملكة الأردنية الهاشمية خلال الفترة بين عامي 1956 و1960، وهي فترة أقل ما يمكن أن يقال عنها هو إنها كانت فترة صعبة وعصيبة، ليس على الأردن وحده بل على المنطقة بأسرها. ومن هنا تكمن أهمية الكتاب. فالمؤلف كان بحكم عمله شاهدا على أحداث في غاية الجسامة مثل تبعات حرب السويس، وتشكيل وسقوط حكومة سليمان النابلسي (الحكومة الحزبية الوحيدة في تاريخ الأردن)، والانقلاب على الملك حسين عام 1957، والوحدة القصيرة بين الأردن والعراق تحت الحكم الهاشمي، ثم سقوط حكم الهاشميين في العراق وأخيراً اغتيال رئيس الوزراء هزاع المجالي في مكتبه بعمان.

الأسلوب الأدبي للمؤلف واضح في كل صفحة من الكتاب بل في كل فقرة منه. ولا عجب في ذلك إذا علمنا أن السير تشارلز جونستون، المولود في لندن عام 1912 والمتوفى في المدينة نفسها عام 1986، شاعر ومترجم لديه العديد من المصنفات من أبرزها ترجمة رواية "يفغيني أونيغين" للكاتب الروسي الشهير ألكساندر بوشكين. وربما استفاد جونستون في ترجمته هذه، وغيرها، من كونه قد تزوج من أميرة روسية سابقة ساعدته على تعلم اللغة الروسية وإتقانها. 

والجدير ذكره أن الطبعة التي حصلت عليها من الكتاب هي من منشورات وزارة الثقافة الأردنية، وقد نوه المترجم د. فهمي شما في مقدمة الكتاب بأنه حصل من المؤلف رسمياً على "حق الترجمة والنشر بالتصرف المعقول" على حد تعبيره، وأعتقد أن من يقرأ الكتاب لن يجد صعوبة كبيرة في الكشف عن مواضع هذا "التصرف المعقول". وعلى أية حال فإن الجهد الذي بذله المترجم لا يخفى على منصف، وهو جهد يستحق عليه الشكر والثناء.

الخميس، مايو 31، 2012

هون سين: عشرة آلاف يوم في السلطة


"لن أكتفي بإضعاف المعارضة فحسب، بل سوف أقتلها. وإذا تجرأ أي معارض على محاولة إقامة مظاهرة فسوف أضرب كل تلك الكلاب وأزج بها في قفص".

ليست هذه كلمات معمر القذافي، وهي لم ترد في خطاب "الجرذان" الشهير الذي ألقاه في العام الماضي وحث فيه مؤيديه على مطاردة المعارضين وقتلهم في كل "بيت بيت، دار دار.."، بل هي كلمات رئيس الوزراء الكمبودي هون سين، استخدمها في سياق لغته التهديدية المعتادة أثناء رده على أحد منتقديه الذي نصحه بالاتعاظ مما جرى لطاغية تونس.

ولئن كان هون سين ممن لا يتبادر اسمه إلى الذهن عند الحديث عن طغاة العالم، فإنه مقبل يوم الجمعة (1 يونيو) على دخول ما يسمى "نادي العشرة آلاف"، والذي ينتمي له عدد من الطغاة الذين تمكنوا من البقاء في السلطة لأكثر من عشرة آلاف يوم باستخدام أساليب العنف والسيطرة على قوات الأمن والفساد الهائل والدعم اللامحدود من القوى الغربية.

الأحد، مايو 27، 2012

قراءة في رواية "المعلم ومارغريتا" أو "الشيطان يزور موسكو"


تعد هذه الرواية لميخائيل بولغاكوف (1891-1940) واحدة من أفضل الروايات التي صدرت في روسيا خلال الحقبة السوفيتية، ويعدها كثيرون أفضل رواية في القرن العشرين. كتبها صاحبها وأحرق مخطوطتها عام 1930 ثم أعاد كتابتها من ذاكرته عام 1931، وأنهى مسودتها الثانية عام 1936 ثم الثالثة عام 1937 وظل يعمل على إعداد المخطوطة الرابعة حتى وفاته عام 1940. ولم تجد الراوية طريقها للنور إلا بعد ستة وعشرين عاماً عندما نشرتها أرملته في مجلة موسكو الأدبية في حلقات اعتباراً من نوفمبر 1966.

تدور الأحداث الرئيسية للرواية في روسيا في ثلاثينيات القرن العشرين، وهي تروي قصة زيارة الشيطان – تحت اسم مستعار هو البروفيسور فولند، وأربعة من أعوانه إلى مدينة موسكو. يظهر فولند في الفصل الأول من الرواية (لا تحدثوا الغرباء أبداً)، على أنه بروفيسور أجنبي – ألماني – ويناقش الأديب برليوز رئيس رابطة الماسوليت الأدبية والشاعر إيفان بزدومني حول وجود المسيح والشيطان. يتنبأ فولند لبرليوز بأنه سيموت في ذات اليوم، وأن امرأة ستقطع رأسه، كما يتنبأ لبزدومني بأنه سيُشخص مصاباً بالشيزوفرينيا.

وتمضي بنا الرواية في خطين متوازيين: الأول تقع أحداثه في موسكو والوقائع الغريبة التي تشهدها هذه المدينة بوجود الشيطان وأعوانه، والثاني في مدينة القدس إبان عملية صلب المسيح المزعومة ودور "بيلاطس البيزنطي" في تلك العملية. وقد عمد بولغاكوف إلى توظيف عناصر الفانتازيا في تقديم وصف ساخر للغاية من قيم الجشع والفساد والمادية التي سيطرت على المجتمع السوفيتي في عهد ستالين في مقابل الطهارة والسمو والرفعة التي كان يتصف بها المسيح عليه السلام في أقواله وأفعاله. ولعل هذا هو السبب الذي حال دون نشر الرواية في زمن يلتسين وجعلها تنتظر عهد خروتشوف لكي ترى النور.

الجمعة، مايو 25، 2012

هل يبقى الفلسطينيون لاجئين للأبد؟



تقوم الهوية الفلسطينية على ثلاثة أسس: الأول هو أن مقاومة إسرائيل مقدسة ودائمة، والثاني هو أن الفلسطينيين، أفراداً وجماعات، تحولوا إلى لاجئين على يد إسرائيل. أما الأساس الثالث فهو أن على العالم، وخاصة الأمم المتحدة والدول الغربية، أن يدعم هؤلاء اللاجئين إلى أن يستطيعوا العودة إلى الدولة الفلسطينية العتيدة وإلى منازلهم  الموجودة فيما يعرف الآن باسم إسرائيل.

منذ العام 1950 ظلت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين هي الجهة التي تولت تقديم الدعم للفلسطينيين. وتعمل هذه الوكالة - التي تسمى اختصاراً بالأونروا - بتمويل يأتي معظمه من الولايات المتحدة والدول الأوروبية ويبلغ حوالي مليار دولار سنوياً، وهي تدير نظاماً مفتوحاً للتعليم والرعاية الاجتماعية لملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن. لكن ما هو المعيار الذي يتبع عند تصنيف هؤلاء في عداد اللاجئين؟

من الناحية المعلنة، تعرف وكالة الأونروا اللاجئ الفلسطيني بأنه أي شخص "كان يقيم في فلسطين خلال الفترة ما بين 1 يونيو 1946 وحتى 15 مايو 1948، والذي فقد بيته ومورد رزقه نتيجة حرب 1948".

الأربعاء، مايو 16، 2012

أبو زبيدة: رجل نسيته العدالة الأمريكية



خلال الأسبوع الماضي أقدمت أنا وزملائي على تصرف قلما يقدم عليه محامو الدفاع: طلبنا من الحكومة توجيه لائحة اتهام ضد موكلنا. وبما أن من غير المتوقع أن تجد القضية طريقها إلى أي قاعة محكمة أمريكية على الإطلاق، فقد طلبنا أن يكون الاستماع عبر النظام القضاء العسكري الأمريكي الفاسد.

كان موكلنا أبو زبيدة من أوائل ضحايا نظام التعذيب الذي أقرته إدارة الرئيس بوش، وكان أول سجين يزج به في "موقع أسود" سري وأول من يتعرض للتعذيب باستخدام أساليب "الاستجواب الفائق". لقد كُتبت مذكرة التعذيب سيئة الصيت في أغسطس 2002 لكي تزيل كافة الحواجز القانونية التي كانت تحول بينه وبين محققي المخابرات المركزية الأمريكية. وبحسب ما تناهى إلى علمنا فإن أبا زبيدة هو المعتقل الوحيد الذي كان استجوابه محل مناقشات رفيعة المستوى في البيت الأبيض والمعتقل الوحيد الذي تعرض لكافة أساليب الاستجواب التي سمحت بها الإدارة الأمريكية.

عندما اعتقل أبو زبيدة في مارس 2002 سارع المسؤولون الأمريكيون إلى التشهير به؛ حيث وصفه محامو وزارة العدل الذين كتبوا مذكرة التعذيب بأنه "ضابط رفيع المستوى" لدى أسامة بن لادن، وزعموا أنه كان متورطاً في "كل المخططات الإرهابية الكبرى" التي نفذها تنظيم القاعدة وأنه كان أحد مخططي هجمات 11 سبتمبر. أما الرئيس بوش فقال إنه كان أحد "الشركاء المؤتمنين" لدى أسامة بن لادن وتعهد بمحاكمته.