توالى صدور المراجعات النقدية لمسرحية جديدة تتناول قضية لا تحظى بالكثير من الاهتمام في وسائل الإعلام المختلفة، وهي المشاعر التي تنتاب أفراد الأسرة الذين ينمو بينهم طفل توحدي محبوب لا يلبث أن يتحول عندما يكبر إلى عملاق لا يتسم باللطف دائما.
وهذه المسرحية بعنوان "السقوط" هي من بنات أفكار ديانا جينت، وهي أم لطفل توحدي قررت الاستفادة من تجربتها الخاصة مع التوحد في تأليف هذا العمل الذي وصفه بعض النقاد بأنه "دراما عائلية دافئة ومتميزة، تحيط بها ظلال من الكوميديا السوداء".
تتمحور أحداث مسرحية "السقوط" حول "جوش": شاب توحدي ضخم الجثة يبلغ من العمر 18 عاما ويعيش مع أسرته في منزل العائلة، كان في طفولته يتعرض لبعض النوبات الخفيفة التي تحولت مع تقدمه في السن إلى ثورات غضب عارمة بات والداه بسببها في خطر التعرض لأذى بدني كبير.
وتكشف المسرحية عن الآثار الانفعالية والجسدية التي تركها التوحد على حياة أفراد الأسرة الذين ما انفكوا يحاولون الاستعانة بكل وسيلة ممكنة لإبقاء ابنهم في حالة هدوء، وفي الوقت نفسه محاولة التقليل من آثار نوباته بحيث يكون الضرر الناتج عنها في الحدود الدنيا. ويبدو هذا جليا في أحد مشاهد المسرحية الذي ينتهي بـ"جوش" وهو يحاول خنق والدته.
كما تكشف المسرحية عن الصراع الداخلي المؤلم للشخصيات بين ما هو "أفضل" لجوش وما "يرغب به القلب" على الرغم من أن المعاناة داخل الأسرة تكاد أن تعصف بتماسكها مثل موجة بحرية تجتاج قصرا من الرمال على الشاطئ، وكل هذا بسبب إصابة جوش بالتوحد.
ومن ثيمات المسرحية أيضا: التضحيات المتعددة التي يقدمها كل فرد من أفراد الأسرة، ويتجلى هذا في حوار يدور بين الأم والابنة الأصغر سنا عندما تقول لها: إن بوسعك أن تكرهيه، لكن الأم لا تملك هذا الخيار".
وفي سياق الحياة الطبيعية لكل الأسر، تشتمل المسرحية على مشهد لزيارة إحدى القريبات، والتي لديها آراء خاصة حول ما هو صواب وما هو خطأ في وضع هذه الأسرة، ويكون لآراء هذه القريبة من الآثار ما يماثل أثر إحدى نوبات جوش.
ومن بين الشخصيات التي تضمنتها هذه المسرحية، أبدى النقاد إعجابا كبيرا بشخصية والدة الشاب التوحدي التي تعلمت أن تتصرف كالبهلوان في تعاملها مع الأدوات الحادة وغير الحادة في آن معا، حيث يرى النقاد أن الجمهور سوف يتذكرون هذه القدرات إذا تعاملوا ذات يوم مع أسرة يعاني أحد أفرادها من اضطراب التوحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق