الجمعة، أغسطس 07، 2009

المجتمع المدني!

كلفت مؤخرا بترجمة مادة كبيرة الحجم عن الأسلحة بمختلف أنواعها: من المسدسات البسيطة إلى المدافع الرشاشة، ومن العربات البسيطة إلى الغواصات النووية. ونظرا لكوني لا أملك خلفية كبيرة في المجال العسكري ولم أتلق في حياتي تدريبا عسكريا مفيدا أو مادة نظرية ذات بال عن الحروب والمعارك، فقد لجأت إلى شبكة الإنترنت لعلي أن أجد إخوة لي عربا سبقوني إلى هذا المضمار وترجموا عن أصحاب هذه الصناعة الهامة ما يسد الرمق، ويشفي الغليل.


ولقد أدهشني أنني لم أجد موقعا عربيا واحدا متخصصا في هذا المجال، رغم أن إخوتنا العرب تفننوا في ابتكار المئات بل ربما الآلاف من مواقع الغناء والشعر والأنساب والطبخ والأزياء. لم أجد موقعا واحدا يتحدث عن الأسلحة وأنواعها ومكوناتها وصناعتها وصانعيها، ولم أجد في هذا البحر الزاخر من الأغاني والطرب الأصيل وغير الأصيل من يصف لنا بندقية كلاشنيكوف أو طائرة إف-16 سواء بغناء أو بغير غناء...فقلت في نفسي: هنيئا لدعاة المجتمع المدني! هذا مجتمعكم الذي تنشدون!


المجتمع المدني؟ أليس المقصود بهذه اللفظة المجتمع الذي يؤسس المنظمات والجمعيات ومراكز القوى المدنية، التي تعمل على تطوير الجانب الحضاري فيه والارتقاء بسكانه من شتى النواحي؟ أليس المجتمع المدني هو الذي يؤمن بسلطة القانون وسيادة الدولة واحترام إرادة الشعب...إلخ؟ أما أنا فأقول إن لفظة المجتمع المدني في عالمنا العربي تعني المجتمع المجرد من السلاح، ومن ثقافة السلاح، بل حتى من التفكير في السلاح! المجتمع المدني عندنا هو النقيض التام للمجتمع العسكري.

للأمانة أقول إنني عثرت على بعض المنتديات التي أفردت بعض الصفحات للحديث عن بعض الأسلحة، ولم يخل الأمر من سرقات أدبية وغير أدبية، ومن ترجمات ركيكة أو مبتذلة. وخلاصة القول أن مجتمعاتنا المدنية بحاجة إلى عسكرة، وكفانا مسخرة!

ولعل البرنامج الذي ترجمته أن يبث قريبا على شاشة قناة الجزيرة الوثائقية ليكون عونا للبعض على تنمية ثقافتهم العسكرية ومعلوماتهم التاريخية في هذا المضمار الهام. وأختم بالقول إنني كنت أحمل في ذهني تصورا عن وحشية الشعوب الأوروبية والأمريكية في شتى عصورها، لكنني لم أكن أتصور أن يصل بهم الانحطاط إلى هذا الدرك، وهم الذين يزعمون أنهم سادة الحضارة وبناتها..واقرأ أيها القارئ إن شئت عن تفاصيل الحرب العالمية الأولى ومعركة السوم فيها (على سبيل المثال لا الحصر) لكي تدرك مقصودي من هذا الكلام.

وعاش المجتمع المدني!

ليست هناك تعليقات: