10 أبريل- حضر فارمرسون لكي يزيل المجرفة بنفسه، وهو رجل يبدو عليه التحضر، ويقول إنه لا يباشر مثل هذه الأعمال الصغيرة بنفسه، لكنه يفعل ذلك لأجلي أنا. قدمت له الشكر وتوجهت إلى البلدة. من المشين رؤية بعض الكتبة يتأخرون في الحضور إلى المكتب بهذه الصورة. وقد أخبرت ثلاثة منهم أن السيد بيركب، مدير المكتب، إذا عرف بتأخرهم المستمر فقد يفصلهم من العمل.
أجاب بيت، الذي يبلغ سبعة عشر عاما ولما يمض على قدومه إلى المكتب ستة أسابيع فحسب: "أريد أن أعتني بشعري!" فكان أن قلت له إنني قضيت في هذه المؤسسة عشرين عاما، فقاطعني قائلا إن هذا بادٍ عليّ!. نظرت إليه باستخفاف وقلت له: "أرجو أن تتعامل معي باحترام يا سيد" فكان جوابه: "حسنا، لا تكف عن الرجاء". لم أكن لأتجادل معه أكثر، لأن هذا النوع من البشر يصعب التفاهم معه. حضر غوينغ في المساء، وكرر شكواه من رائحة الدهان. أحيانا يكون غوينغ إنسانا مثيرا للضجر، ولا يلقي بالا لما يقول، لدرجة أن كاري اضطرت في إحدى المرات لتذكيره بكل أدب بأنها ما تزال حاضرة معنا.
11 أبريل- لم تنمُ نباتات الرشاد والفجل بعد. كان اليوم عصيبا للغاية. فقد تأخرت عن حافلة التاسعة إلا ربعا المتوجهة إلى المدينة بسبب حديثي مع صبي البقالة، الذي كان وقحا للمرة الثانية بحيث دخل المنزل بسلته وترك آثار حذائه القذر على الدرجات التي نظفناها حديثا. وقد زعم أنه طرق على الباب الخارجي طوال ربع ساعة دون أن يجيبه أحد. وقد كنت أدرك أن خادمتنا سارة لم تكن لتسمع الطرقات، لأنها كانت في الأعلى ترتب غرف النوم، فسارعت إلى سؤال الصبي لماذا لم يرن الجرس، فأجاب أن مقبض الجرس خرج في يده عندما حاول أن يسحبه.
وصلت المكتب متأخرا نصف ساعة كاملة، وهذا ما لم يحصل معي من قبل قط. ونظرا لقلة التزام الكتبة بالدوام في الفترة الأخيرة، لم يجد السيد بيركب مدير المكتب غير هذا اليوم بالذات ليهبط على رؤوسنا مبكرا. كان الجميع على علم بقدومه المبكر فحضروا مبكرين، وكنت أنا الوحيد المتأخر من بينهم. كان بكلينغ، وهو أحد كبار الكتبة، رجلا طيب القلب، وقد أنقذني بتدخله. وعندما مررت بمكتب بيت سمعته يهمس لزميله:" من المشين رؤية بعض الكتبة يتأخرون في الحضور إلى المكتب بهذه الصورة!" ولا شك في أنه كان يعنيني أنا بكلامه هذا. التزمت الصمت ولم أنطق بكلمة، واكتفيت بإلقاء نظرة عليه كانت كفيلة بجعله هو وزميله ينفجران بالضحك. وبعد بعض التفكير شعرت أنه كان من الأفضل لي لو تجاهلت الموضوع برمته وتظاهرت بأني لم أسمع شيئا. حضر كمغنز في المساء ولعبنا الدومينو سويا.
12 أبريل- لم تنمُ نباتات الرشاد والفجل بعد. تركت فارمرسون يعمل على إصلاح المجرفة، لكنني عندما عدت للمنزل وجدت ثلاثة رجال يعملون فسألتهم ما الذي يجري، وأجاب فارمرسون بأنه أثناء قيامه بالحفر كسر أنبوب الغاز. وقال إن الأنبوب مثبت في مكان غير مناسب على الإطلاق، وأن الذي ثبته لا بد أنه كان شخصا لا يفقه شيئا في هذا المجال. أما أنا فشعرت أن الأعذار التي قدمها لا تكفي لتغطية التكاليف الجديدة التي سأضطر لدفعها.
حضر غوينغ في المساء بعد تناول الشاي، وأخذنا ندخن سويا في ردهة الإفطار. انضمت إلينا كاري لاحقا، لكنها لم تمكث طويلا متعللة بأن الدخان كان مؤذيا لها. والواقع أنه كان قد بدأ يؤذيني أنا أيضا، خاصة بعدما أعطاني غوينغ ما يسميه "السيجار الأخضر"، والذي كان صديقه شوماك قد أحضره للتو من أميركا. لم يكن لون السيجار أخضر، لكنني تخيلت لونه كذلك، لدرجة أنني عندما أتيت على أكثر من نصفه اضطررت لمناداة سارة وطلبت منها إحضار نظارتي.
تمشيت حول الحديقة ثلاث أو أربع مرات بحثا عن هواء نقي. وعندما عدت للداخل لاحظ غوينغ أنني امتنعت عن التدخين، وعرض علي سيجارا آخر لكنني رفضته بأدب. بدأ غوينغ يتشمم الهواء بأنفه فتوقعت ما سيقول وقلت له:" هل ستشتكي من رائحة الدهان ثانية؟" فأجابني:"لا، لن أشتكي هذه المرة، لكنني سأخبرك بشيء مختلف: أشم رائحة عفن جاف". أنا لا ألقي الكثير من النكات لكنني بادرته بالجواب:"أنت الذي كلامك كالعفن الجاف!" ولم أتمالك نفسي من الضحك بعد هذه الجملة، وقالت كاري إن أطرافها صارت تؤلمها من كثرة الضحك. لم يسبق لي أن ضحكت بهذه الصورة على جملة قلتها من قبل. بل إنني استيقطت مرتين أثناء الليل، وبقيت أضحك حتى اهتز السرير بأكمله.
13 أبريل- مصادفة عجيبة: استدعت كاري سيدة لكي تعد بعض الأغطية القطنية لمقاعد غرفة الجلوس لكيلا يتحول لونها الأخضر إلى باهت بفعل أشعة الشمس. عندما رأيت المرأة أدركت أنها ذات المرأة التي كانت تعمل قبل سنين خلت عند خالتي الكبرى في كلابهام. يا له من عالم صغير.
يتبع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق