مع بزوغ فجر اليوم الثاني عشر من أزمة الصواريخ الكوبية أصبح الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من خوض حرب نووية مدمرة. ففي ذلك الصباح أسقط صاروخ سوفيتي طائرة استطلاع أمريكية من طراز (U-2) كان على متنها الرائد رودلف أندرسون من سلاح الجو الأمريكي فوق الأجواء الكوبية. وبسبب وفاة ذلك الطيار، وهو القتيل الوحيد في تلك المواجهة، وصل التوتر بين القوتين العظميين إلى الذروة، ثم ما لبث الطرفان أن تراجعا عن خوض حرب نووية كانت ستؤدي إلى سقوط الملايين من الضحايا.
الرائد في سلاح الجو الأمريكي رودلف أندرسون |
بتاريخ 27 أكتوبر 1962، حلق الرائد رودلف أندرسون بطائرته في أجواء كوكب تتنازعه الصراعات. وقبل اثني عشر يوما كان هذا الضابط قد نفذ إحدى المهمات الاستطلاعية المبكرة فوق كوبا والتي أكدت وجود مواقع للصواريخ السوفيتية على مسافة لا تتجاوز 90 ميلا من الأراضي الأمريكية. لم يكن من المقرر أن ينفذ أندرسون طلعة جوية في ذلك اليوم، إلا أنه بذل جهدا كبيرا لكي ينفذ المهمة بنفسه بعد أن رآها في جدول العمليات. كانت العملية تحمل رقم 3127، وهي الطلعة الجوية السادسة التي ينفذها أندرسون في الأجواء الكوبية في إطار ما يعرف باسم "عملية المقبض النحاسي" والأكثر خطورة في سجله الشخصي، حيث كانت صواريخ أرض-جو السوفيتية جاهزة للانطلاق وباتت الحرب وشيكة.
بعد فترة وجيزة من دخول أندرسون للأجواء الكوبية تمكنت الرادارات الروسية من رصد طائرته التي لم تكن مزودة بالسلاح وكانت تحلق على ارتفاع كبير. وخشي السوفيت من أن الطيار ربما جاء لكي يلتقط صورا للمواقع السرية التي كانوا يحتفظون فيها بأسلحتهم النووية بالقرب من قاعدة غوانتانامو البحرية الأمريكية، حيث قال الفريق ستيفان غريتشكو مخاطبا أحد الضباط: "لقد مكث ضيفنا في الجو أكثر من ساعة، أعتقد أن علينا إصدار الأمر بإسقاط طائرته لأنها تتجسس على مواقعنا في العمق". ولما لم يكن القائد الأعلى، وهو الشخص الوحيد المخول بإصدار الأمر بإطلاق صواريخ أرض-جو، متواجدا فقد أصدر غريتشكو الأمر بنفسه: "دمروا الهدف رقم 33".