كلما خرج أعداؤنا بمفردة جديدة هرع إليها كتابنا ليشبعوها استخداما، ويقتلوها تكرارا، حتى يقول القارئ ليتهم كلوا، ويقول السامع ليتهم سكتوا!
عندما أصدر الصهاينة قرارا بطرد أصحاب الأرض من أهلها تداعى أحرارنا ومستعبدونا على حد سواء، وأشرعوا أقلامهم في زمن لا سيوف فيه ولا رماح، وانكبوا يشرحون للعالم حقيقة ما جرى، ويوضحون للأمم الأخرى طبيعة الجريمة الوشيكة: التطهير العرقي، وليتهم قالوا التدنيس العرقي أو تدنيس الأرض أو ليقولوا ما شاؤوا ما داموا لا يشاركون المجرم جريمته بوصف التهجير بالتطهير.
لست أعلم للفظة التطهير أصلا غير الطهر والطهارة، ولا أريد لهذه الكلمات أن تكون درسا في اللغة العربية الحبيبة، وإنما أردت أن أسجل اعتراضي على من يدنسون لغتنا بتطهيرهم العرقي، وعلى من يلوثون عقولنا بألفاظهم المستوردة، كأنما باتت لغتنا الرحبة عاجزة عن الإتيان بلفظة مناسبة لهول الجريمة وانحطاط مرتكبيها.
يا كتابنا ويا مثقفينا سألتكم بالله ألا تكونوا إمعات ولا ببغاوات تردد ما تسمع ولا تعقل ما تقول.. يا كتابنا وقراءنا لا تصفوا طرد أصحاب الأرض من أرضهم بالتطهير ولو وصفته الدنيا بأسرها بالتطهير..ففلسطين أيها الأحبة طاهرة مباركة، يزيدها أهلها طهرا على طهر، ولا يزيدها محتلوها إلا تدنيسا، والله المستعان.
هناك تعليقان (2):
قرأت لك 10 مقالات وجميعا تشير إلى فلسفة عميقة
هل هذا أسلوبك في الحياة؟
متمرد؟ متشائم؟
أشكرك على التعليق وقبله على القراءة..وألتمس منك العذر على الانقطاع الطويل عن الكتابة في هذا الركن القريب من النفس، وأعدك بالعودة قريبا.
أما عن أسلوب الحياة فهو، كما أشرت، لا يخلو من تشاؤم، وإن كنت أميل بطبعي معظم الوقت إلى التفاؤل والبشر والابتسام. أما التمرد فليس في نظري صنوا للتشاؤم، بل هو رديف للتفاؤل مرافق له؛ لأن المتمرد يريد أن يغير الواقع الذي يعيش إلى الواقع الذي يأمل ويرجو، ولا شك في أن الواقع المأمول خير من الواقع المعيش...فالتمرد صنو للتفاؤل كما التشاؤم رفيق للخنوع
وإلا فما رأيك أنت؟
إرسال تعليق