الجمعة، يوليو 20، 2012

عندما تأتي الشمس بالظلام


جيم ألغار

عندما أرسلت الشمس خلال الأسبوع الماضي عاصفة مغناطيسية في اتجاه الأرض استمع الأمريكيون للتحذيرات المعتادة في مثل هذه الظروف: احتمال انقطاع الكهرباء، واحتمال توقف خدمات الاتصالات وغيرها – وقد تجاهل أغلب الناس هذه التحذيرات.

يبدو أن هذه التحذيرات لا تنفك تترافق مع كل عاصفة شمسية. ولا شك في أن التكرار يفقد هذه التحذيرات تأثيراتها: "لقد سمعنا بهذا من قبل"، "إنهم يقولون الكلام نفسه في كل مرة".

ربما كرر الكنديون في كويبك الكلام نفسه يوم 13 مارس 1989: تجاهلوا التحذيرات وخرجوا باسمين إلى أعمالهم، إلى أن انطفأت الأنوار في ساعات الصباح المبكر واستمر الانقطاع لمدة 12 ساعة متواصلة بقي خلالها الناس مسجونين في المكاتب والمصاعد، واستيقظ من مكثوا في بيوتهم على وقع البرد القارس.

تم إغلاق مختلف المدارس والأعمال بفعل انقطاع الكهرباء، وتوقف مترو مونتريال عن العمل خلال ساعات الذروة في الصباح. انقطعت الكهرباء عن مقاطعة كويبك بأكملها، وماذا كان السبب؟ عاصفة شمسية.

قبل ستة أيام كان علماء الفلك قد شهدوا وميضا شمسيا قويا تبعه بعد ثلاثة أيام ما يسمى بالانبعاث الإكليلي الجسيمي، وهو مصطلح يعبر عن اندفاع كتلة هائلة من المادة والإشعاع الكهرومغناطيسي إلى الفضاء.

عندما وصلت هذه العاصفة الشمسية من الجسيمات المشحونة كهربائيا إلى الأرض بدأت بتشكيل هالات كثيفة حول قطبي الكوكب، وبلغت هذه الهالات من الكثافة أنها امتدت جنوبا إلى ولاية تكساس الأمريكية حيث رآها الناس.

أدى الاضطراب المغناطيسي الكثيف إلى إيجاد تيارات كهربائية أسفل معظم مساحة قارة أمريكا الشمالية، وفي تمام الساعة 2:44 من صباح يوم 13 مارس 1989 عثرت هذه التيارات على نقطة ضعف في شبكة الإمداد الكهربائي لمقاطعة كويبك، وسرعان ما انهارت الشبكة بأكملها خلال دقيقتين فقط.

وتدحرجت المشكلة، مثل كرة الثلج، إلى شركات الطاقة الأمريكية التي وجدت نفسها تواجه أكثر من 200 مشكلة في شبكاتها بعد دقائق قليلة من الانقطاع الذي حدث في كويبك، لكن لحسن الحظ لم يحدث أي انقطاع.

ربما كانت كويبك أكثر عرضة لما أصابها لأنها تقع على صفيحة جيولوجية ضخمة من الصخور البركانية.

هذا النوع من المناطق هو الأكثر عرضة للإصابة بآثار النشاط الكهرومغناطيسي الكثيف لأن المقاومة العالية للصخور البركانية تمنع التيار المرافق للعواصف من النفاذ عبر الأرض، وعندما انقطعت الكهرباء عن كويبك تمكن التيار من العثور على نقطة ضعيفة المقاومة وانتقل عبر خطوط الكهرباء الطويلة لشركة هيدرو-كويبك، وعندما ازداد الحمل على هذه الخطوط تقطعت أوصالها فتوقف النظام بأكمله.

وبعد حدوث الانقطاع اتخذت هيدرو-كويبك عددا من الاستراتيجيات للحيلولة دون وقوع مثل هذه الحوادث في المستقبل، فقامت بتثبيت عدد من المقاومات على خطوط الضغط العالي بالإضافة إلى تحديث العديد من إجراءات المراقبة والتشغيل.

تنبهت شركات أخرى لهذا الأمر في الولايات المتحدة وشمال أوروبا وغيرها من المناطق فطبقت عددا من البرامج الهادفة إلى تقليص المخاطر المرتبطة بالتيارات المتولدة عن العواصف الكهرومغناطيسية.
هل يمكن أن تتكرر هذه الحادثة؟

يقول العلماء إن عاصفة 1989 كانت نادرة في شدتها، وإن عاصفة كهذه تتطلب وميضا شمسيا هائلا وانبعاثا جسيميا إكليليا ضخما لكي يتكرر انقطاع التيار الكهربائي عن كويبك من جديد.

وفي جميع فإن الشمس، ورغم كل ما تعلمناه عنها، تظل جرما يصعب التنبؤ بسلوكه.
ولهذا السبب فإن العلماء لا يتوقفون عن إصدار مثل هذه التحذيرات التي ربما ينبغي ألا نتجاهلها بالكامل.


ليست هناك تعليقات: