جاكسون ديل
(واشنطن بوست)
ليس من المؤكد أن الاتفاق السياسي الذي أعلنه الفصيلان الفلسطينيان المنقسمان فتح وحماس سوف يصمد- فقد تم الإعلان عن اتفاقات مماثلة خلال السنوات الأربع الماضي ولم يصمد منها شيء.
لكن ثمة نقطة واحدة مؤكدة: إذا مضى الرئيس الفلسطيني محمود عباس قدما في المصالحة مع حركة حماس الإسلامية فهذا يعني أنه ينحي جانبا إدارة أوباما وعملية السلام التي تحاول التوسط فيها..إلى الأبد.
لقد توقفت المفاوضات بين عباس والحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو منذ الخريف الماضي، وتوقفت معها دبلوماسية الإدارة الأمريكية (متى كان آخر ظهور علني لجورج ميتشل؟)، إلى أن بدا مؤخرا أن الإدارة تستعد لدفعة جديدة. ففي مؤتمر عقد في واشنطن هذا الشهر وعدت وزيرة الخارجية هيلاري رودام كلينتون ب”تجديد مسعى الإدارة الأمريكية للوصول إلى سلام شامل بين العرب والإسرائيليين” وقالت إن أوباما سوف يلقي خطابا هاما حول هذا الموضوع.
كما أن أوباما نفسه خاطب عددا من زعماء اليهود في البيت الأبيض في مارس قائلا إنه يؤمن أن عباس مستعد لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل. لكن يبدو الآن أن الزعيم الفلسطيني اتخذ لنفسه طريقا مختلفا تماما. إذ يقال إنه أجرى مفاوضات سرية برعاية مصر وافق خلالها على تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع الضفة الغربية التي تسيطر عليها فتح وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، وعلى إجراء انتخابات طال تأجيلها خلال السنة المقبلة.
الكثير من الفلسطينيين كانوا يرغبون في رؤية نهاية للنزاع بين فتح وحماس وللحكومة الفلسطينية المنقسمة. لكن هذه المصالحة بالنسبة لإسرائيل وأوباما تعتبر كارثة. فقد أشارت تقارير الأربعاء إلى أنها قد تعني نهاية إدارة سلام فياض للضفة الغربية، وهو تكنوقراطي يحظى باحترام كبير عند كل من الأمريكيين والإسرائيليين. وإذا حصل ذلك فمن شبه المؤكد أن يقرر الكونغرس تجميد المساعدات الأمريكية السنوية بقيمة 400 مليون دولار. ويمكن أن تؤدي المصالحة إلى إعادة هيكلة قوات شرطة فتح المدربة أمريكيا، والتي تعمل مع إسرائيل على حفظ الأمن في الصفة الغربية منذ سنوات وإلى دمجها مع كوادر حماس المدعومة من إيران.
كما سوف تقضي المصالحة على أي أفق جدي لمفاوضات السلام: فمن المرجح أن حماس لن تقبل بالمطالبات الغربية القديمة الجديدة بأن تعترف بإسرائيل وتنبذ العنف وتلتزم بالاتفاقيات الفلسطينية-الإسرائيلية السابقة. بل إن مقاتلي حماس عاودوا خلال الأسابيع الأخيرة إطلاق القذائف والصواريخ من غزة على المدن الإسرائيلية، وكان أحد هذه الصواريخ موجها نحو حافلة مدرسية إسرائيلية.
لقد كان نتنياهو عاكفا على إعداد مبادرة جديدة للسلام وكان ينوي الكشف عنها أمام الكونغرس في الشهر المقبل، وكان من الممكن أن تتضمن مبادرته سحب القوات الإسرائيلية من أجزاء من الضفة الغربية. لكن من شأن المصالحة الفلسطينية أن “تضع حدا لذلك” كما قال لي مسؤول إسرائيلي، مضيفا أن “أي جهد لإحراز تقدم سوف يتوقف بفعل هذه المصالحة”.
أما عباس فيبدو أنه لم يعد يبالي، بل إنه كان يعمل منذ مدة لبلورة مبادرة مختلفة: خطة يسعى بموجبها لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية من الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها المقبل في سبتمبر. لقد أعلنت إدارة أوباما عن رفضها للفكرة، بينما حذر نتنياهو من أن إسرائيل سوف تتخذ إجراءات أحادية بشأنها.
ويبدو أن عباس يعاني من خيبة أمل عميقة بسبب أوباما. فقد شن عليه هجوما عنيفا في مقابلته مع مجلة نيوزويك قائلا إن الرئيس الأمريكي أساء إدارة ملف المستوطنات الإسرائيلية. كما أنه كان قد أبدى تشاؤما كبيرا عندما تولى نتنياهو السلطة قبل عامين وقال إن من المستحيل التوصل إلى اتفاق سلام معه.
كان رد فعل نتنياهو على الاتفاق بين فتح وحماس هو القول “إن على السلطة الفلسطينية أن تختار بين السلام مع إسرائيل والسلام مع حماس”. وقد جاء الإعلان الفلسطيني مباغتا للإسرائيليين ولإدارة أوباما أيضا. من المحتمل جدا أن ينهار الاتفاق خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، أما إذا بقي صامدا فسوف يتعين على إدارة أوباما أن تكافح لمواجهة وضع راديكالي جديد في بقعة أخرى من الشرق الأوسط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق