الخميس، أكتوبر 04، 2012

عن سوريا وتركيا والمسألة الكردية

لم تتضح بعد الجهة التي أطلقت القذائف على تركيا من سوريا، متسببة بمقتل امرأة وأطفالها الأربعة، أو سبب قيامها بذلك. لكن إذا كانت تركيا تنوي شن حملة توغل كبيرة داخل الحدود السورية فإن الهدف من هذه الحملة لن يكون مجرد ضمان أمن الحدود بين البلديم أو دعم ما يسمى بالجيش الحر فحسب، وإنما ستكون الغاية الرئيسية منها هي سحق المقاتلين الأكراد.
 
لم يكن لدى الحكومة التركية من خيار سوى الرد على القصف من الجانب السوري، وإلا فإنها كانت ستتعرض لانتقادات عاصفة في الداخل وستوصف بأنها ضعيفة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن أنقرة تصرفت في ظل ظروف سياسية داخلية متغيرة، حيث أقر البرلمان اليوم مشروع قانون يمنح رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان حق إرسال قوات عسكرية إلى "دول أجنبية" دون الحاجة لموافقة السلطة التشريعية.

واللافت أن الحكومة تقدمت بمشروع القانون في يوم 20 سبتمبر الماضي، أي قبل حادثة القصف بأسبوعين فقط. ومن المقرر أن يعتمد البرلمان خلال الأسبوع المقبل مشروع قرار مماثلا يجيز للقوات التركية التوغل داخل حدود العراق. وعلينا أن نتنبه إلى أن الهاجس الأمني الأكبر لدى الأتراك خلال الأسابيع القليلة الماضية لم يكن يدور حول تطورات الاضطرابات في سوريا وإنما تركز بصورة خاصة على المسلحين الأكراد، ولهذا ما يبرره.

لقد أدت الأزمة السورية إلى إعادة فتح الملف الكردي في المنطقة، وأحيت آمال 30 مليون كردي يتوزعون بين تركيا وسوريا وإيران والعراق بإمكانية الخروج من كل هذه الفوضى بدولة مستقلة كاملة السيادة، أو على الأقل بالمزيد من صلاحيات الحكم الذاتي.
 
وعندما تطورت الأزمة السورية إلى حرب أهلية، شن مقاتلو حزب العمال الكردستاني أكبر عمليات حروب العصابات ضد الجيش التركي منذ التسعينيات. وفي الوقت نفسه استغل الأكراد السوريون حالة الفوضى القائمة وأخذوا يزرعون الرايات الكردية في البلدات المحاذية للحدود التركية معلنين تمتعهم بالحكم الذاتي بسلطة الأمر الواقع.

تعتقد تركيا أن أكراد سوريا يدعمون حزب العمال الكردستاني بتشجيع من الرئيس بشار الأسد. وفي الوقت نفسه فإن إردوغان ليس مستعدا لغزو أي دولة مجاورة لتركيا؛ لكن خطورة الأوضاع آخذة بالتفاقم، وهو ما ينذر باقتراب عملية عسكرية تركية كبيرة.

ليست هناك تعليقات: