الاثنين، يونيو 13، 2011

Barry Lyndon



يمثل هذا الفيلم المنتج عام 1975 ذروة من ذرى الفن السينمائي كما أبدعه المخرج الأبرز ستانلي كوبريك. وهو عبارة عن سيرة حياة رجل يدعى باري ليندون، يرافقه خلالها المشاهد في ساعات الانكسار ولحظات الانتصار: يفرح لفرحه، ويجزع لجزعه، ويأسى لأساه. باري ليندون ليس ملاكا. ليس خيرا بالمطلق ولا شريرا بالطبع. بل إذا شئنا أن نتحدث عن الطبع فإنني أرى أن الطبع الخير هو الغالب على هذه الشخصية، وقد تبدى هذا في مواقف عديدة.

الفيلم تحفة فنية حقيقية لعشاق الفن والجمال: فيه من المناظر الطبيعية ما يخلب سحره الألباب، ومن اللوحات الفنية "المرسومة" ما يرضي العين الذواقة. الحوار فيه بسيط مباشر ومحدود. وعلى الرغم من أن طول الفيلم يزيد على ثلاث ساعات، فإن المشاهد لا يزال مشدودا إليه، مشدوها لما يرى، حتى اللحظة الأخيرة.


الجميل في الفيلم واقعيته القريبة من النفس، على الرغم من أنه يكشف الكثير مما كان يدور في أروقة نبلاء أوروبا القرن الثامن عشر من عادات وتقاليد وأنماط حياة. كما نتعرف بمشاهدة الفيلم على الكثير من معالم الحياة العسكرية والعلاقات الدولية في ذلك الزمن، بل وحتى على الأدوات التي كانت تستخدم في الحياة اليومية في أوروبا آنذاك.

باري ليندون شخص مثير للجدل: عاش ظروفا صعبة وسنحت له فرص كبيرة أحسن استغلال بعضها وأساء استغلال البعض الآخر. ومن غير المنصف أن نحكم عليه بمعزل عن المحيط الذي كان من حوله. في عينيه حزن دفين لا يفارقه حتى وهو في أوج سعادته. يجتمع عنده الرفق والقسوة، والحزم واللين. وقد كان لشخصية الراوي في الفيلم دور كبير في صياغة شخصية هذا الرجل وفي توجيه المشاهد خفية إلى عدم الإفراط في الشعور تجاهه محبة أو كرها..ليجد المشاهد نفسه في النهاية أمام نفسه: فالحكم الأول والأخير يعود إليه.

 ولعل أبلغ عبارة يمكن تلخيص الفيلم بأسره من خلالها هي التي وردت في خاتمته وجاء فيها: "عاشت الشخصيات المذكورة وتصارعت في زمن الملك جورج الثالث؛ الخير والشرير، الحسن والقبيح، الغني والفقير: كلهم الآن سواء".

ليست هناك تعليقات: