11 أغسطس- بالرغم من أن
عودة ابننا لوبين إلينا كانت مباغتة، فقد شعرنا بالارتياح عندما علمنا أن
المسؤولين في البنك طلبوا منه تقديم استقالته لأنه ببساطة "لم يبد أي اهتمام
بعمله، وظل يتأخر عن موعد دوامه ساعة كاملة (وفي بعض الأحيان ساعتين
كاملتين)". بوسعنا الآن أن ننطلق جميعا إلى برودستيرز، حيث سأتحرر من الهموم
التي شغلت تفكيري خلال الأيام الأخيرة، ومن أهمها المراسلات غير المجدية مع مدير
البنك في أولدهام.
13 أغسطس- مرحى! في برودستيرز. شقة جميلة جدا
بالقرب من محطة القطار. لو كانت على الجرف لدفعنا ضعف الإيجار. أعدت صاحبة المنزل
الغداء والشاي في تمام الساعة الخامسة، وكانت وجبة ممتعة لنا جميعا ما عدا لوبين
الذي تصرف بنزق شديد لأنه وجد في الزبدة ذبابة. كان المطر غزيرا في المساء. وقد
سرني ذلك لأنه منحني عذرا جيدا للنوم مبكرا. قال لوبين إنه سيسهر ليقرأ قليلا.
14 أغسطس- انزعجت عندما علمت أن لوبين، بدلا
أن من يقضي ليلته في القراءة أمس، ذهب لينال بعض المتعة في شقق قريبة منا. عبرت عن
رأيي بالقول إن هذه التصرفات لا تليق برجل محترم، وكان جوابه "أوه. لقد كان
ذلك (لليلة واحدة فقط). لقد شعرت برغبة في الاستمتاع ببعض موسيقى البلوز، ورأيت أن
أذهب لرؤية بولي بريسويل، نجمة إنجلترا اللامعة". أخبرته أنه يشرفني أنني لم
أسمع بها من قبل قط. وهنا قالت كاري: "اترك الصبي وشأنه. إنه الآن راشد
يستطيع الاعتناء بنفسه، ولن ينسى أنه رجل محترم. لا تنس أنك كنت شابا في
الماضي". هطل المطر غزيرا طوال اليوم، لكن ذلك لم يثن لوبين عن الخروج.
15 أغسطس- صفا الجو قليلا، فركبنا القطار
جميعا إلى مارغيت، وكان أول شخص التقينا به على رصيف المحطة هو غوينغ. قلت له:
"هللو! ألم تذهب إلى بارماوث مع أصدقائك من برمنغهام؟" فأجابني:
"نعم، لكن بيتر لورنس كان مريضا فتأجلت زيارتهم وجئت إلى هنا. هل تعلم أن آل
كمنغز موجودون هنا أيضا؟" قالت كاري: "أوه! سيكون هذا عظيما! علينا أن
نقضي بعض الأمسيات معا ونتسامر".
قدمت له لوبين قائلا: "قد يسرك أن تعلم
أن ولدنا العزيز يرافقنا!". قال غوينغ: "كيف ذلك؟ هل تقصد أنه ترك عمله
في البنك؟" سارعت إلى تغيير موضوع الحديث لكي أتجنب الأسئلة المزعجة التي يصر
غوينغ على طرحها دائما.
16 أغسطس- رفض لوبين بحزم أن يرافقني في
السير مع الموكب الاحتفالي لأنني كنت أرتدي قبعة القش الجديدة ومعطفي الصوفي. لا
أدري ما الذي دها هذا الصبي.
17 أغسطس- ذهبت برفقة كاري للإبحار، بينما
رفض لوبين أن يرافقنا. أسعدني أن نكون بمفردنا لأنها كانت تقف في صف لوبين دائما
كلما اختلفت معه. عندما عدنا بادرنا بالقول: "لقد أبحرتما في (مركب
المعتوهين)..أليس كذلك؟ ربما في المرة القادمة سوف تبحران في (سفينة
الأغبياء)" أعتقد أنه كان يعني بقوله الدراجة، لكنني تظاهرت بأني لم أفهم
قصده.
18 أغسطس- حضر كمنغز وغوينغ لترتيب أمسية
مشتركة معنا في مارغيت. ولأن المطر كان غزيرا، فقد طلب غوينغ من كمنغز أن يرافقه
إلى الفندق ليلعبا البلياردو، وذلك رغم علمه بأني لا أمارس هذه اللعبة بل إنني
أرفضها من الأساس. أجاب كمنغز بأن عليه أن يسرع في العودة إلى مارغيت، وهنا أذهلني
لوبين بقوله: "أنا سألعب معك يا غوينغ- مائة. لقد أتعبتني كثرة المشي في
السوق وفتحت شهيتي للطعام". فقلت: "لعل السيد غوينغ لا يرغب باللعب مع
الصبيان". وفاجأني غوينغ بقوله: "بل إنني لا أمانع، إذا كانوا يتقنون
اللعب"، وغادر الاثنان معا.
الأحد 19 أغسطس- كنت على وشك إلقاء محاضرة
على مسامع لوبين عن أضرار التدخين، الذي يمارسه بشراهة، ولعبة البلياردو، لكنه
اعتمر قبعته وسارع بالخروج. وعندها ألقت كاري على مسامعي محاضرة طويلة عن قيامي
بإسداء النصيحة تلو النصيحة للوبين كما لو كان طفلا صغيرا. شعرت أنها كانت محقة،
وفي المساء قدمت له سيجارا. ظهر عليه السرور في البداية، لكنه بعد أن نفث منها بضع
نفثات قال: "هذه نوعية رديئة- جرب أن تدخن من خاصتي" وقدم لي سيجارة
كانت قوية جدا لكنها كانت جيدة.
20 أغسطس- لحسن الحظ كان الجو صحوا في آخر
أيامنا عند ساحل البحر، مع بعض الغيوم هنا وهناك. ذهبنا لزيارة آل كمنغز (في
مارغيت) في المساء، وأجبرتنا برودة الطقس على البقاء في الداخل والتسامر، وكعادته
أصر كمنغز على تجاوز حدوده. فقد اقترح أن نلعب لعبة "شرائح اللحم"، وهي
لعبة لم نسمع بها من قبل. جلس كمنغز على أحد المقاعد، وطلب من كاري أن تجلس على
حجره، فرفضت كاري العزيزة دعوته بكل أدب.
وبعد بعض المشاحنات، وافقت على أن أجلس على
ركبتي كمنغز وتجلس كاري على ركبتي أنا، ثم جلس لوبين على ركبتي كاري، ثم كمنغز على
ركبتي لوبين، ثم السيدة لوبين على ركبتي زوجها. بدا منظرنا سخيفا للغاية، وضحكنا
كثيرا.
عندها قال غوينغ: "هل تؤمنون بالقطب
الأعظم؟" فأجبناه جميعا "نعم- بالطبع نعم!" (ثلاث مرات). قال
غوينغ" وأنا أيضا". ثم نهض فجأة. وكانت نتيجة هذه الدعابة السخيفة أننا
وقعنا جميعا على الأرض، واصطدم رأس كاري المسكينة بركن سياج المدفأة، ووضعت السيدة
كمنغز عليه بعض الخل. أدى ذلك إلى تأخرنا عن آخر قطار متوجه إلى برودستيرز،
فاضطررنا لركوب العربة، وكلفني ذلك ستة وسبعين بنسا.
يتبع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق