الجمعة، ديسمبر 30، 2011

أغنى دول العالم



تسعى قطر في الوقت الحالي لاستضافة المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب في أفغانستان بعد عشر سنوات من اندلاعها.

وقطر هي شبه جزيرة صغيرة، مساحتها تماثل مساحة ولاية كونيتيكت الأمريكية، تقع في الخليج العربي إلى الشرق من المملكة العربية السعودية، تشتهر اليوم بكونها تلعب دورا يفوق حجمها على الساحة الدولية. يبلغ معدل الدخل السنوي للفرد بدولة قطر حوالي 84,000 دولار، وهو ضعف ما يناله الفرد الأمريكي تقريبا (47,200 دولار)، ويبلغ عدد المواطنين الأصليين للدولة 350,000 نسمة يعمل لديهم قرابة 1.7 مليون مغترب معظمهم من الهند وبنغلادش والفلبين.

بحلول العام 1995 كان ولي العهد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي تخرج في أكاديمية ساندهيرست البريطانية العريقة، قد ضاق ذرعا بخمول والده الأمير – آنذاك- الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، حيث كانت الدول الخليجية الأخرى تشهد ازدهارا ملحوظا لم يكن لقطر منه نصيب.


وهكذا قام حمد، الذي عين وليا للعهد منذ العام 1977، بالإطاحة بوالده بينما كان يقضي إجازة في سويسرا. ولم يكن الابن يعلم حينذاك أن خزينة الدولة كانت خالية تماما وأن والده كان قد نقل كل محتوياتها إلى الخارج وأودعها في حسابات مصرفية متعددة توزعت على ثلاث قارات.

تمت استعادة معظم أموال الدولة خلال السنوات الأربع التالية، وتصالح الابن مع أبيه. وسرعان ما انطلق حمد في مسيرة تستهدف تعويض ما فات بلاده، ونجح في التفوق على جيرانه الخليجيين، بما في ذلك السعودية، في متوسط الدخل السنوي للفرد. وكان اعتماده في ذلك على كون قطر أكبر منتج ومصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال وصاحبة ثالث أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم.

يعمل معظم أفراد أسرة آل ثاني الحاكمة (عددهم 1500) وقبيلة العطية في وظائف حكومية.

نجح الشيخ حمد (الحاكم التاسع لدولة قطر)، وقريبه الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني (رئيس الوزراء منذ 2007 ووزير الخارجية منذ 1992)، والزوجة المفضلة لأمير البلاد الشيخة موزة، في تحقيق إنجازات فريدة خلال السنوات العشر الأخيرة، حتى بالمقاييس السعودية.
  • أشرفت الشيخة موزة على توقيع اتفاقيات لفتح فروع لسبع جامعات أمريكية في “المدينة التعليمية”، التي تمتد على مساحة 2500 هكتار ويدرس فيها طلاب من الذكور والإناث من 150 دولة حول العالم بتمويل من دولة قطر. وهناك أيضا مدينة طبية قيد الإنشاء.
  • تضم قاعدة العديد الضخمة أطول مدرج لهبوط الطائرات في الشرق الأوسط (15000 قدما)، وهي مقر متقدم للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) ولوحدة الاستطلاع رقم 379 بسلاح الجو الأمريكي. وأثناء ذروة حربي العراق وأفغانستان، أجرت أربع وعشرون من طائرات الإمداد KC-135 عمليات تزويد بالوقود في الجو انطلاقا من هذه القاعدة، والتي كلف إنشاؤها مليار دولار.
  • تدير الولايات المتحدة معظم عملياتها الإقليمية من قاعدة العديد، بما في ذلك الدوريات التي تهدف إلى رصد وردع أي تحركات مفاجئة من إيران، على بعد 80 ميلا.
  • تمكنت قناة الجزيرة منذ وقت طويل من التفوق على “صوت أميركا” في عدد المكاتب والمراسلين الذين يعملون لصالحها في جميع أنحاء العالم. بل إن برامجها ونشراتها الإخبارية باللغة الإنجليزية تفوقت على قناة بي بي سي العريقة، والتي تراجعت مكانتها بسبب تخفيض مخصصاتها الحكومية.
  • يحظى عالم الدين المصري الشهير يوسف القرضاوي بحضور دائم على أمواج البث في قطر بالرغم من أنه برر ذات مرة الهجمات الانتحارية على الأطفال الإسرائيليين “لأنهم سوف يكبرون ويصبحون جنودا إسرائيليين في المستقبل”.
  • تغطية قناة الجزيرة للشؤون الداخلية في قطر محدودة للغاية، لكنها لا تفوت أي فرصة للنيل من الزعماء العرب الذي يقمعون معارضيهم.
  • عندما اندلعت الانتفاضة في بنغازي ضد الحكم الاستبدادي لنظام معمر القذافي، كانت قطر أول دولة عربية تساهم مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) في فرض حظر جوي على ليبيا وأرسلت لهذا الغرض ثلاث طائرات ميراج-2000 مقاتلة.
  • يقضي رئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم جل وقته في التنقل بين ثلاث قارات لإجراء مفاوضات بين أطراف مختلفة بهدف التوصل إلى هدنة أو وقف إطلاق نار أو معاهدة سلام بينها.
  • قبل أحداث سبتمبر، كان القيادي في تنظيم القاعدة خالد شيخ محمد يمارس حياته بصورة طبيعية في قطر، بينما تم السماح لإسرائيل بافتتاح مكتب تجاري في الدوحة.
  • في محاولة للنأي بنفسها عن سائر الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي (الكويت، السعودية، البحرين، الإمارات، عمان) وإظهار قوة العلاقات التي تربطها بإيران، قامت قطر بدعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لحضور إحدى القمم الخليجية التي استضافتها.
  • بينما يبدو الموقف الرسمي لقطر معارضا لطموحات إيران النووية، قال أحد كبار المسؤولين القطريين ساخرا: “هم يكذبون علينا ونحن نكذب عليهم”.
  • تم اختيار قطر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022.
  • قام الصندوق السيادي الذي تملكه الحكومة القطرية بشراء محلات هارودز اللندنية الشهيرة مقابل 2.1 مليار دولار في أواخر العام 2010، كما يملك هذا الصندوق حصة أغلبية في سلسلة متاجر بريطانية كبيرة.
  • جعلت الخطوط الجوية القطرية نظيراتها الغربية تذوب خجلا أمام ما توفره من خدمات ووسائل للراحة للمسافرين على طائراتها عبر أربع قارات.
  • ينفق الشيخ خالد بن حمد آل ثاني (وهو أحد أفراد الأسرة الحاكمة ويبلغ عمره 22 ربيعا) عشرة ملايين دولار في السنة لكي يصبح نجما عالميا في سباقات السيارات.

ظلت السياسة الخارجية القطرية محفوفة بالتناقضات على نحو مقصود، ويقودها في الوقت الحاضر رجلان متوافقان مع بعضهما. وقد شبهها البعض بسياسة الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول الخارجية المسماة “جميع اتجاهات البوصلة”.

وخلال الزيارة المتوقعة للأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لواشنطن في أبريل المقبل، ربما سيتعين على الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون أن يركزا على الجوانب الإيجابية ويهملا كل ما هو سلبي.

إن الثنائي الحاكم في قطر لا يؤمن بالديمقراطية لأسباب كثيرة منها أن انتظار الإجماع أو الموافقة البرلمانية سوف يضيع وقتا ثمينا ولن يعود إلا بنتائج متواضعة.

ليست هناك تعليقات: