الاثنين، أبريل 30، 2012

دروس اقتصادية من أكروبوليس اليونان الجديد

مارك تشامبيون

وصلت اليونان إلى الوضع المتردي الذي تعيشه اليوم لأن الحكومة أصرت على السيطرة على قطاعات طالتها يد الخصخصة منذ زمن بعيد في دول أخرى، ولأنها استهترت في إنفاق الأموال واقتراضها، ولأنها تقاعست عن جمع الضرائب، ولأنها عجزت عن دفع مستحقاتها عندما توقفت عجلة الاقتصاد العالمي.

هل يظنن أحد أن متحف أكروبوليس الجديد، وهو مشروع قومي تم افتتاحه عام 2009 إبان وقوع الأزمة، سوف يواجه أزمة بسبب اضطرار الحكومة لاستجابة لطلبات دائنيها العالميين؟ كلا بالطبع، لأن المتحف لا يعتمد على الدولة في تمويل عملياته.

يقول ديمتريوس باندرماليس، وهو عالم آثار يتولى إدارة المبنى الذي كلف إنشاؤه 130 مليون يورو (172 مليون دولار)، إن هذا الترتيب إنما كان عن عمد. وعلى الرغم من أن الدعم الحكومي هو حق لمتحف أكروبوليس فقد رفض باندرماليس الاعتماد عليه قائلاً: "لقد أردنا أن ننشئ كياناً سليماً. لقد رأينا أن التمتع بالاستقلال الاقتصادي سوف يمنحنا المزيد من الحيوية في سعينا لجذب المزيد من الزوار للمتحف". ويضيف باندرماليس أن الحكومة اليونانية لو نظرت إلى اقتصاد بلادها نظرة كلية "لما كانت أزمتنا بهذه الحدة".


ويقول باندرماليس أن المتحف بحاجة إلى مليون زائر على الأقل سنوياً لكي يغطي تكاليف تشغيله. كان عدد الزوار خلال السنة الماضية 1.3 مليون شخص، بينما بلغ العدد في السنة الأولى من عمر المتحف (2010) 1.5 مليون زائر تقريباً.

كان مقرراً في البداية أن يتقاضى المتحف من زائريه رسم دخول يتراوح بين 10 و12 يورو، لكن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها اليونان جعلت الاستمتاع بمشاهدة آثار إحدى أغنى الحضارات العالمية لا يكلف الزائر سوى 5 يورو فقط.

لم تنجح خطة إنشاء المتحف بالكامل. فقد كان من المؤمل أن يقوم المتحف البريطاني بإرجاع مجموعة التماثيل الرخامية التي استولى عليها توماس بروس، إيرل إلغين، من مبنى البارثينون بين عامي 1801-1805 بتصريح من العثمانيين الذين كانوا يحكمون اليونان آنذاك، لكن المملكة المتحدة لم ترجع المجموعة الأثرية بعد، وما يزال متحف أكروبوليس يعرض نسخاً مقلدة عنها بانتظار عودة الآثار الأصلية.

يبلغ باندرماليس من العمر 72 عاماً، وقد شهد في حياته تحول اليونان إلى دكتاتورية عسكرية ومرورها بالعديد من الأزمات الاقتصادية، وهو يتولى اليوم الاعتناء بآثار تعود لما قبل عام 438 ق.م.، لذا فهو يتبنى نظرة بعيدة المدى إلى شؤون البلاد ويقول: "تسود فترات طويلة من الجمود يحل بعدها التغيير" ويضيف: "هذا هو تحدي التاريخ الإنساني وجماله في الوقت نفسه. في بعض الأحيان يكون مؤلماً أن نرى حضارتنا تتغير وتعاني، لكننا نجد الحلول دائماً".

ليست هناك تعليقات: