نشرت هذه الرواية لأول مرة عام 1964 وإن كانت قد كتبت قبل ذلك بفترة وجيزة. وقد وضع الكاتب مقدمة للرواية تحدث فيها بأسلوب يشبه الدفاع عن النفس أو الاعتذار عن أن الإلهام لم يأته فيما يتعلق بالثورة الجزائرية والاستقلال الجزائري وحتى الدولة الجزائرية الوليدة آنذاك، وكان حريصا كل الحرص على أن يبين أن هذه الرواية لا علاقة لها بالجزائر ولا بالجزائريين من قريب ولا من بعيد.
الجزء الأكبر من أحداث الرواية يدور في مكان فريد مختلف هو حلبة لمصارعة الثيران في العاصمة الإسبانية مدريد، وقد تولى الكاتب دور الراوي بجدارة واستحقاق، وإني لأعجب كل العجب من قدرته على استرجاع وتفحص كل لحظة من لحظات المصارعة سواء بالنسبة للمصارع أو المشاهدين أو حتى الثور نفسه!
في بداية الرواية يصف الراوي بطله: يشعر في البدء أنه كان يعرفه من قبل، ثم يصبح هذا المصارع بالذات محور اهتمام الجمهور لأنه يدخل في نزال تاريخي (بالنسبة للعبة) مع الثور، وينتهي النزال نهاية مأساوية حيث يصاب المصارع بنزيف داخلي وخارجي في الصدر والبطن، أي أنه ميت ما لم تحصل معجزة. وقد أحسن يوسف إدريس وضع نهاية للقصة حيث لم يحسم مسألة موت المصارع من حياته، بل خرج علينا بشخصية الصحفي/ المصارع السابق الذي يتكلم بما يشبه الهذيان معريا حقيقة مصارعة الثيران وبالتالي حقيقة البشر كلهم، ويترحم على المصارع "أنطونيو" الذي كان يداعب قطته وكان "ينزوي خجلا في الحفلات".
يبقى أن أنوه بأن هذه الرواية لا تعتبر ممثلة لأدب يوسف إدريس بمجمله بل هي أشبه بغزال شارد ضل طريقه وأضاع قطيعه.
محمد أبوشعبان
7/4/2003