الجمعة، يوليو 31، 2009

هل غادر الشعراء من متردم؟

طرح هذا التساؤل الشاعر الجاهلي الشهير عنترة بن شداد في مطلع قصيدته المعلقة، وما زال السؤال ذاته يتردد بعد كل هذه القرون.إنه سؤال الأصالة الذي يلح على ذهن كل مبدع يريد أن يأتي بالجديد غير المسبوق أو المكرر.. فهل بقي جانب من جوانب الإبداع ( الشعري وغير الشعري) لم يتناوله المبدعون؟

فالمبدع كلما أنجز عملا جديدا يشعر بأنه قد قدم أفضل ما لديه، وأنه استنفد كل قواه. وقد يكون راضيا كل الرضى عما أنجز ثم ما يلبث أن تلح عليه فكرة جديدة فينسى إنجازه الأخير ويشرع في العمل التالي وقد تولدت فيه حماسة لا تقل عن سابقتها، وهكذا دواليك..


أما تساؤل عنترة فهو أبدا في ذهن كل مبدع، وخاصة في تلك اللحظات الحالكة التي يستجدي فيها قريحته فلا تجود عليه بشيء، ويشعر حينها بأن العالم كله ليس فيه جديد، وأن المبدعين كلهم قد سبقوه ولم يتركوا له شيئا. وكلما طرأت له فكرة يحسبها أصيلة أسعفته ذاكرته بأن فلانا قد سبقه إليها فتثبط همته، ويفتر حماسه. عندها يقترب المبدع من اليأس وهو ينتظر تلك اللحظة الآسرة التي يتدفق فيها الإبداع كالنهر الذي يعبر الحدود ليصب في محيط المعرفة الإنسانية..

وهذه اللحظات من الانتظار قد تطول وقد تقصر، ويبدو أنها لم تطل كثيرا مع عنترة الذي أبدع قصيدة معلقة بعد هذا التساؤل مباشرة.. كأنما أراد أن يثبت أن الإبداع فعل إنساني أصيل، يلازم الإنسان في كل زمان ومكان.

محمد أبو شعبان
2006

ليست هناك تعليقات: