الجمعة، يوليو 31، 2009

وداعا نازك الملائكة

منذ بداية عهدها بالشعر اختارت نازك الملائكة أن تسلك دربا لم يسلكه معها شاعر ولا ناثر، وظلت الشاعرة الثائرة وحدها تدافع عن الشعر الحر الذي ابتدعت، ثم تشيد لهذا الشعر الجديد نموذجا فذا قائما على ضبط المعنى وضبط الشكل على حد سواء.

لقد خشيت نازك الملائكة أن ينقلب الشعر على الشاعر، ولم يرق لها الانفلات الذي ظهر في أعقاب تجربتها الرائدة عندما لم يعد القارئ العربي يميز بين الشعر والنثر، ولا بين الغث والسمين فأصدرت كتابها النثري الأشهر (قضايا الشعر المعاصر) الذي كان محاولة أخيرة منها لتثبيت دعائم الشعر الحر على أسس ارتأت أنها تحقق روح هذا الشعر ولا تخرجه عن مقاصده.


ولما رأت شاعرتنا أن الأوان قد فات، وأن الحداثة صارت ذاتها من الماضي، انكفأت على نفسها وتوارت عن الأسماع والأنظار في منفى اختياري إلى أن غيبها الموت ولم تتغير صورتها الرائدة في أذهان جمهورها الكبير.

وعبر مسيرتها الطويلة، ظلت نازك الملائكة تحلم بالمدينة الفاضلة (يوتوبيا)، وفي مجموعتها (مأساة الحياة وأغنية للإنسان) وضعت خلاصة أفكارها وتصوراتها للحياة، ولم تخل نظرتها للحياة من سوداوية لم يخفف من وقعها سوى الأمل بمستقبل بهيج في يوتوبيا الموعودة..ولعل هذا الحلم النبيل ظل يراودها حتى اللحظات الأخيرة من عمرها المديد، وهي التي قالت:
وحين أموت، أموت وقلبي على موعد مع يوتوبيــا




محمد أبو شعبان
23/6/2007

ليست هناك تعليقات: