الجمعة، يوليو 31، 2009

قراءة في رواية "رجال وثيران" ليوسف إدريس








نشرت هذه الرواية لأول مرة عام 1964 وإن كانت قد كتبت قبل ذلك بفترة وجيزة. وقد وضع الكاتب مقدمة للرواية تحدث فيها بأسلوب يشبه الدفاع عن النفس أو الاعتذار عن أن الإلهام لم يأته فيما يتعلق بالثورة الجزائرية والاستقلال الجزائري وحتى الدولة الجزائرية الوليدة آنذاك، وكان حريصا كل الحرص على أن يبين أن هذه الرواية لا علاقة لها بالجزائر ولا بالجزائريين من قريب ولا من بعيد.




الجزء الأكبر من أحداث الرواية يدور في مكان فريد مختلف هو حلبة لمصارعة الثيران في العاصمة الإسبانية مدريد، وقد تولى الكاتب دور الراوي بجدارة واستحقاق، وإني لأعجب كل العجب من قدرته على استرجاع وتفحص كل لحظة من لحظات المصارعة سواء بالنسبة للمصارع أو المشاهدين أو حتى الثور نفسه!




في بداية الرواية يصف الراوي بطله: يشعر في البدء أنه كان يعرفه من قبل، ثم يصبح هذا المصارع بالذات محور اهتمام الجمهور لأنه يدخل في نزال تاريخي (بالنسبة للعبة) مع الثور، وينتهي النزال نهاية مأساوية حيث يصاب المصارع بنزيف داخلي وخارجي في الصدر والبطن، أي أنه ميت ما لم تحصل معجزة. وقد أحسن يوسف إدريس وضع نهاية للقصة حيث لم يحسم مسألة موت المصارع من حياته، بل خرج علينا بشخصية الصحفي/ المصارع السابق الذي يتكلم بما يشبه الهذيان معريا حقيقة مصارعة الثيران وبالتالي حقيقة البشر كلهم، ويترحم على المصارع "أنطونيو" الذي كان يداعب قطته وكان "ينزوي خجلا في الحفلات".




يبقى أن أنوه بأن هذه الرواية لا تعتبر ممثلة لأدب يوسف إدريس بمجمله بل هي أشبه بغزال شارد ضل طريقه وأضاع قطيعه.






محمد أبوشعبان




7/4/2003

قراءة في رواية "حقيقة الخديعة" لدان براون


صدرت هذه الرواية لأول مرة عام 2001، لكنها لم تنل الشهرة والنجاح الذين نالتهما الرواية التالية للكاتب التي صدرت عام 2003 بعنوان "شيفرة دافنشي"، والتي بيع منها ملايين النسخ حول العالم بل وتم تصوير فيلم سينمائي مقتبس عنها.


الأسلوب المشوق في "حقيقة الخديعة" هو ذاته الذي وجدناه في "شيفرة دافنشي"، حيث الإثارة المستمرة وشد القارئ بصورة دائمة إلى أحداث الرواية من خلال إثارة دهشته بأحداث خيالية قد تكون حقيقية لشدة نصاعتها. فشخصيات الرواية لا يستبعد أن تكون حقيقية، والأحداث التي وقعت فيها ربما تكون قد وقعت بالفعل، أو ربما كانت ستحصل لو لم تنشر الرواية!


في الرواية قصة عن وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" التي استغل أحد مرشحي الرئاسة الأمريكية إخفاقاتها المتتالية وبنى حملته الانتخابية على مهاجمتها، ونجد في المقابل رئيسا أمريكيا شريفا نزيها ذا مبادئ وقيم نبيلة ينخدع بدسيسة وضعتها ناسا عندما أعلنت عن اكتشاف مستحاثات في حجر نيزكي، وهذا - كما أوحت ناسا - دليل قاطع على وجود حياة خارج كوكب الأرض. وتتوالى أحداث الرواية بين واشنطن والقطب الشمالي والمحيط الأطلسي إلى أن تنتهي داخل البيت الأبيض نفسه.


المدهش حقا في دان براون هو قدرته الخارقة على الإتيان بأدق التفاصيل التي يستغرب المرء من أين أتى بها! وتبقى هنا مسألة الروح الأمريكية الخالصة عند الكاتب الذي خيب أملي أكثر من مرة بخروجه عن الواقعية من أجل ضمان أسباب انتصار البطلة في النهاية، مما أفقد الرواية زخما كبيرا.






محمد أبوشعبان


3/4/2007

نيجيريا: حكاية غير مروية من قلب إفريقيا

المقال الأصلي منشور في مجلة National Geographic عدد آب/أغسطس 2008




كانت العلامة الأولى سحابة كثيفة تسد الأفق بين السماء البرونزية والسهول الممتدة، من مسافة خمسمائة ياردة تبين أن السحابة ما هي إلا موجة بشرية عارمة تندفع في جو شديد الحرارة، ولولا الضجيج الصادر عنهم لحسبهم الناظر سرابا: أربعون ألف قدم حافية تدك الأرض الملتهبة دكا.


من مسافة مائتي ياردة تحول التسونامي البشري إلى جيش يقتحم ميدان المعركة. بيد أن هؤلاء (المحاربين) كانوا شبه عراة ويتسلحون بالشباك والقدور. وعلى بعد مائة ياردة ظهرت بوضوح وجوه من كل الأعمار يغمرها العرق. بعضها يشع بالسعادة والبعض الآخر متجهم تعلوه ملامح التصميم. بيلو يعقوب هو صاحب أحد هذه الوجوه، وهو رجل نحيل في الثامنة والأربعين من العمر ذو عضلات مشدودة وملامح صقلها الطقس القاسي. وهو يوشك أن يعيش أفضل وأسوأ أيام حياته معا في هذا اليوم.

إيفلين

تأليف: جيمس جويس

جلست عند النافذة تراقب المساء وهو يغزو الجادة ببطء. كان رأسها متكئا على ستائر النافذة ورائحة القماش المغبر تتسلل إلى أنفها. كانت مرهقة.


قليل من الناس عبروا الجادة. مر مالك المنزل الأخير فيها وهو في طريقه إلى بيته. سمعت وقع أقدامه على الرصيف الخرساني ثم على الممشى الخشبي أمام المنازل الحمراء الجديدة. في السابق كانت هناك ساحة اعتادوا على أن يلعبوا فيها كل مساء مع الأطفال الآخرين، إلى أن جاء رجل من بلفاست واشترى الساحة وبنى عليها عددا من المنازل، ليست كمنازلهم الصغيرة بنية اللون بل منازل من الآجر البراق بسقوف لامعة. كان أطفال الجادة يلعبون معا في الساحة: آل ديفن، آل ووتر، آل دن، كيو الصغير المقعد، وهي وإخوتها وأخواتها. أما إرنست فلم يلعب معهم بتاتا لأنه أكبر منهم بكثير. اعتاد والدها على أن يطاردهم بعصا خشبية، وكان كيو المقعد يناديهم كلما لمح والدها قادما. لقد كانوا سعداء في تلك الأيام. لم تكن طباع والدها قد ساءت كثيرا في ذلك الوقت، ووالدتها كانت ما تزال حية. كان ذلك منذ زمن بعيد. أما الآن فهي وإخوتها أخواتها جميعا راشدون ووالدتها ميتة وتيزي دن أيضا ميتة و آل ووتر عادوا إلى إنجلترا. كل شيء يتغير، والآن هي في طريقها إلى أن ترحل مثلما فعل الآخرون وتترك بيتها.

مسرحية المهزلة: المسرح الذي نريد



في إسقاط نادر لهموم العصر على المسرح الجاد، استطاع المخرج الشاب كاشف سميح في مسرحيته الأخيرة "المهزلة" أن يجسد التناقض المزمن الذي بات عنوانا للمرحلة الحالية من تاريخنا، ذاك التناقض الذي أريقت في سبيله دماء، وصدرت باسمه أحكام بالخيانة تارة وبالكفر تارة أخرى. إنه التناقض بين الحرب والسلم، بين المقاومة والتفاوض.


تصور المسرحية حال مجموعة من (الثوار) وقد أنهتكهم المعارك وأثخنتهم بجراحها، ولكنهم رغم ذلك يتمسكون بالثورة ويرحبون بالموت الذي هو طريق الحياة، ويتبنون شعار (نكون أو لا نكون، تلك هي المقاومة) وهو مستعار من عبارة هملت في المسرحية الشهيرة لشكسبير.

ضجيج بلا طائل




ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون لهذا العام  2005 قدمت مجموعة من طلبة قسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب بالجامعة الأردنية يوم الجمعة 22/7 عرضا مسرحيا للكاتب الإنجليزي الكبير وليم شكسبير بعنوان ( ضجيج بلا طائل) وذلك على المسرح الرئيسي في المركز الثقافي الملكي.

وداعا نازك الملائكة

منذ بداية عهدها بالشعر اختارت نازك الملائكة أن تسلك دربا لم يسلكه معها شاعر ولا ناثر، وظلت الشاعرة الثائرة وحدها تدافع عن الشعر الحر الذي ابتدعت، ثم تشيد لهذا الشعر الجديد نموذجا فذا قائما على ضبط المعنى وضبط الشكل على حد سواء.

لقد خشيت نازك الملائكة أن ينقلب الشعر على الشاعر، ولم يرق لها الانفلات الذي ظهر في أعقاب تجربتها الرائدة عندما لم يعد القارئ العربي يميز بين الشعر والنثر، ولا بين الغث والسمين فأصدرت كتابها النثري الأشهر (قضايا الشعر المعاصر) الذي كان محاولة أخيرة منها لتثبيت دعائم الشعر الحر على أسس ارتأت أنها تحقق روح هذا الشعر ولا تخرجه عن مقاصده.

هل غادر الشعراء من متردم؟

طرح هذا التساؤل الشاعر الجاهلي الشهير عنترة بن شداد في مطلع قصيدته المعلقة، وما زال السؤال ذاته يتردد بعد كل هذه القرون.إنه سؤال الأصالة الذي يلح على ذهن كل مبدع يريد أن يأتي بالجديد غير المسبوق أو المكرر.. فهل بقي جانب من جوانب الإبداع ( الشعري وغير الشعري) لم يتناوله المبدعون؟

فالمبدع كلما أنجز عملا جديدا يشعر بأنه قد قدم أفضل ما لديه، وأنه استنفد كل قواه. وقد يكون راضيا كل الرضى عما أنجز ثم ما يلبث أن تلح عليه فكرة جديدة فينسى إنجازه الأخير ويشرع في العمل التالي وقد تولدت فيه حماسة لا تقل عن سابقتها، وهكذا دواليك..

الأربعاء، يوليو 29، 2009

إنه الفينيق!

ذلك الطير الخرافي النداء
طيف أحزان وإيقاع نذير
غير أن الشجن المر بشير
بقيام الطائر المسحور من قلب الرماد
إنه الفينيق حلم وانطلاق وفداء


د. حسن فتح الباب

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله أبدأ، وعلى الله أتوكل، وبه أستعين، ومنه أرجو أن يعينني على تحقيق مرادي وإتمام مقصودي من هذه المدونة.

محمد أبوشعبان
عمان في 29/7/2009