الاثنين، مايو 30، 2011

هل لربيع فلسطيني أن يأتي بالسلام للشرق الأوسط؟


Bloomberg View




تقول الحكومتان الفلسطينية والإسرائيلية إنهما ملتزمتان بالتفاوض لتسوية الصراع بينهما، ويصر الرئيس باراك أوباما على إحداث تقدم في عملية السلام.

وفي الحقيقة، ليس ثمة عملية سلام أصلا.

لقد أدى الإحباط بالمبعوث الأمريكي الخاص لعملية السلام جورج ميتشل إلى تقديم استقالته. المفاوضات متوقفة، وكل جانب متمسك بمواقفه. الإسرائيليون ماضون في توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، مثيرين حنق الفلسطينيين. أما الفلسطينيون فهم عازمون على إحراج إسرائيل في الأمم المتحدة في سبتمبر عبر إجراء تصويت رمزي يؤيد إقامة دولة فلسطينية.

وقد جرى مؤخرا جدال بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول ما إذا كان ينبغي أن تكون حدود أي دولة فلسطينية مستقبلية قائمة على أساس العودة إلى خطوط ما قبل العام 1967، وقد أثر هذا الخلاف على العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية. ليس ثمة وصفة لصنع السلام.

إن ما يلزم هو حل معجز غير مسبوق، ولعل الربيع العربي يفي بحل هذه المعضلة.

ففي استطلاع أجراه مؤخرا مركز "بيو" للأبحاث قال 73% من الفلسطينيين إنهم يعتقدون أن احتجاجات أقرانهم العرب المطالبين بحقوقهم من المغرب إلى سوريا واليمن سوف تؤدي إلى قدر أكبر من الديمقراطية في الشرق الأوسط. ومن بين 23 جنسية إسلامية أخرى تم إجراء الاستطلاع في أوساطها، لم يكن سوى الأردنيين على هذا القدر العالي من التفاؤل.

والسؤال المطروح الآن هو: ما هي الدروس التي سيستخلصها الفلسطينيون في كفاحهم من أجل تقرير المصير؟

المقاومة السلمية

لقد مثلت الانتفاضات التي وقعت في العالم العربي دليلا على القوة العظيمة التي تحظى بها المقاومة السلمية في مقابل القمع. فقد أسفرت المظاهرات غير المسلحة في مصر وتونس، خلال أسابيع معدودة، عن سقوط دكتاتورين حكما عقودا، وهذا ما لم تحققه المقاومة الفلسطينية المسلحة على مدى 50 عاما من الاحتلال الإسرائيلي.

وقد بدا كما لو أن الفلسطينيين قد أدركوا الرسالة عند اجتمع المئات منهم في منتصف مايو وتقدموا، غير مسلحين، باتجاه الحدود الإسرائيلية مع الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا ولبنان والأردن. إلا أن بعضهم اخترق الحدود الإسرائيلية وبالتالي فقد صفة السلمية.

وخلال السنوات التسع الأخيرة، شكلن شبكة من المجموعات الفلسطينية لجانا شعبية تنظم احتجاجات سلمية أسبوعية في الضفة الغربية وقطاع غزة. إلا أن التأثير السلمي لهذه الاحتجاجات كان يتضرر في كل مرة يشن فيها مسلحو حماس هجمات صاروخية على المدنيين، كما حصل في 7 أبريل عندما هاجموا حافلة مدرسية إسرائيلية.

وإذا مضى الفلسطينيون قدما في تنفيذ خطتهم بإجبار الجمعية العامة للأمم المتحدة على التصويت لصالح إقامة دولة لهم فإن هذا سيسبب حرجا كبيرا لإسرائيل. لكن هذا في الوقت نفسه لن يضمن لهم إقامة دولة حقيقية ذات سلطة على الأرض. فهذا لن يكون إلا بموافقة إسرائيل.

اتفاق تقاسم السلطة

وبالنظر إلى الواقع الحالي فإن طبيعة ميزان القوى في الشرق الأوسط لا تحفز إسرائيل لتقديم أي تنازلات. فالقوة العسكرية الإسرائيلية متفوقة على القوى المحيطة بها مجتمعة، كما أن اقتصادها مزدهر. وقد ثبت أن الجدار الذي شيده الإسرائيليون لحمايتهم من الانتحاريين الفلسطينيين كان حلا ناجعا للغاية.

لكن ميزان القوى ربما يختل قليلا. فقد توصلت حماس إلى اتفاق مع حركة فتح يتضمن، وفق أحد مهندسي الاتفاق، تعهدا من جانب حماس بوقف العنف. وإذا تم الالتزام فعلا بهذا التعهد لفترة طويلة، وإذا استمر الفلسطينيون في احتجاجاتهم السلمية وأكسبوها زخما حقيقيا فإن الإسرائيليين سيجدون صعوبة حقيقية في التمسك بموقفهم المتصلب إزاء التسوية السلمية.

العزلة الدولية

ولن يكون هذا بسبب خشية الإسرائيليين من العزلة الدولية؛ فقد تعود الإسرائيليون على اضطهاد الآخرين لهم؛ وإنما باعتبار أن الإسرائيليين الذين يعيشون في دولة ديمقراطية لن يتقبلوا فكرة قيام جنودهم بقمع أناس تخلوا عن حمل السلاح.

ولقد حصل هذا الصراع الذي لا يحتمل بالفعل إبان الانتفاضة الأولى والتي استمرت من العام 1987 وحتى 1993 وقام الفلسطينيون خلالها بمقاطعة البضائع الإسرائيلية ونفذوا إضرابات متتالية عن العمل وألقوا بالحجارة، كل هذا في مقابل الآلة العسكرية الإسرائيلية الهائلة. وكانت هذه الانتفاضة هي التي دفعت بالإسرائيليين للجلوس إلى مائدة المفاوضات مع الفلسطينيين، وقد أفضت هذه المفاوضات إلى توقيع اتفاق أوسلو. وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق فقد مضمونه بالكامل اليوم فقد أتاح للفلسطينيين قدرا من الحكم الذاتي المحدود في قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية.

وفي هذه الظروف فإن أفضل ما يمكن أن تقدم عليه إسرائيل هو العودة، بكثير من رحابة الصدر، إلى المساومة الحقيقية مع الفلسطينيين بينما لا تزال إسرائيل تحظى بالتفوق الكامل. وقد رأينا كيف اكتشف قادة مصر وتونس أن القوة العسكرية الكاسحة ليست ورقة رابحة دائمة.

ليست هناك تعليقات: