الخميس، يوليو 07، 2011

إلى فؤاد الهاشم: ليتها خرجت من غيرك!




قرأت في جريدة الوطن الكويتية لفؤاد الهاشم، الذي لا أحب ولا أحترم، مقالا أدهشني في موضوعه ومبناه. وقد لخص الهاشم في مقاله جانبا كبيرا من وجهة نظر يتبناها القليلون وترفضها الغالبية العظمى من العرب في الوقت الحاضر (انظر مقال شكرا أوباما الذي نشرته هنا قبل قرابة شهرين). فهو يستدعي مصطلح "الفوضى الخلاقة" الذي لم يأخذ حقه من المناقشة والتحليل في أدبياتنا العربية إلى أن رأيناه يتجسد أمام أعيننا حقيقة واقعة لا جدال فيها، وهو يتحدث بقدر من العقلانية عن الأحداث التي نشهدها منذ مطلع العام الجاري، والتي ما زالت تتعاقب حلقاتها تباعا، ويقدم مقاربة بسيطة - أراها مقنعة - للموضوع. وسأكتفي هنا بعرض ما أورده الهاشم في مقاله مع بعض التعليقات من جانبي.


يقول الهاشم: "عام 2006، سمعت – للمرة الاولى – مصطلح «الفوضى الخلاقة» و«الشرق الأوسط الجديد» تقوله وزيرة الخارجية الامريكية السابقة «كوندليزا رايس» فسألت نفسي – مثل الملايين في كل أنحاء الشرق الأوسط وربما العالم – قائلا: «كيف تكون فوضى و.. خلاقة ايضا؟! الفوضى تعني الفوضى ولا معنى آخر لها، وكيف سيؤدي ذلك الى شرق أوسط .. جديد»؟! ظل هذا السؤال الحائر يضرب كل زوايا رأسي ليل نهار ، صيفاً وشتاء، حتى جاءت ثورة الشعب التونسي ثم تلتها ثورة مصر، واشتعلت ثورة اليمن، وبينهما ليبيا لتلحقها سورية!! هنا، أدركت ماذا كانت تلك «الجيكرة – كوندي» تعني حين قالت.. ما قالت!!"



وهو يتساءل: "لماذا – الآن – فقط هذه الثورات مثل.. الانفلونزا المعدية حين يعطس مريض بها في وجهك، فابتدأت في تونس وبعدها مصر وليبيا واليمن وسورية والبحرين كذلك، وليس منذ 25 أو 30 سنة.. مثلا؟"


ثم يستطرد الكاتب متناولا عددا من الانتفاضات الشعبية التي شهدتها دول عربية عدة مثل انتفاضة 1986 في تونس وانتفاضة 1977 في مصر والحرب الأهلية في اليمن عام 1994 وغيرها كثير. فهذه الانتفاضات كانت أكثر حدة وأشد عنفا وأطول نفسا مما شهدنا في عامنا الحاضر، لكنها انتهت إلى الفشل الذريع ولم يعد لها من ذكر في التاريخ. وهذا يقود إلى السؤال الذي يطرح نفسه حول الثمن الذي تنتظره واشنطن من تخليها عن حكام طالما ساندوا سياساتها فما هو هذا الثمن؟ يقول الهاشم "إنهم ملايين من الشباب العربي الذين يئسوا من حكوماتهم وقادتهم، وامتلأت قلوبهم بالغضب على أوضاعهم" ويضيف أن "عشرات الملايين الذين نثروا فوضويتهم الخلاقة» في تونس وليبيا ومصر وسورية واليمن .. لم يحرق – واحد منهم علماً أمريكياً بنجومه الخمسين او علماً اسرائيليا بنجمته السداسية، بل.. أشعل الـ «بوعزيزي» النار في لحمه وجلده وشحمه عوضاً عن ذلك".


وهكذا فإن الأمريكيين الذين "كادوا ان يشعلوا حرباً نووية عندما اشعل «الكوبيون» ثورتهم قبل نصف قرن" وسحقوا "كل ثورات الشعوب المتعطشة للحرية في «نيكاراغوا» و«الأرجنتين» و«تشيلي» و«بوليفيا»، و«ايران – مصدق» في عام 1953، وآخرها انتفاضات الشعب الفلسطيني المتكررة والمتلاحقة" ليسوا بمعزل عما يجري في المنطقة. وواهم كبير من يظن أن الحنان والعطف الأمريكي هو دليل عجز أو قلة حيلة، بل هو العكس تماما.

فالفوضى الخلاقة، إذن، هي ما تشهده مجتمعاتنا اليوم. وخير شاهد على ذلك ما نراه حاليا في مصر وتونس حيث التخبط الشامل والفوضى العارمة. وفي الوقت نفسه نجد نفورا كبيرا من العنف والترويج له والحض عليه. حتى بات الداعي إلى العنف (حتى لو كان في مقاومة المحتل) منبوذا مرفوضا من المجتمع. وباتت قيم الحرية والعدالة تقف على النقيض من قيم الدين وحتى الأخلاق، رغم أنه ليس ثمة تعارض بينها على الإطلاق.


لقد وضع الهاشم يده على الجرح في هذا المقال. وكم كنت أتمنى لو كان المقال منسوبا لكاتب غيره. ولكنها كلمة الحق قد تجري على لسان السفيه أحيانا.

وهذا رابط المقال على جريدة الوطن

ليست هناك تعليقات: