سكوت شين
في سياق الصراع على الأحقية بكتابة تاريخ هجمات 11 سبتمبر وما تلاها، طلبت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) حذف أجزاء كبيرة من مذكرات عميل سابق لدى مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) كان قد قضى سنوات وسط خضم الحرب ضد القاعدة.
ووفقا لعدد من الأشخاص الذين اطلعوا على الكتاب فإن العميل، ويدعى علي صوفان، يزعم في مؤلفه أن وكالة المخابرات ضيعت فرصة لإحباط مؤامرة العام 2001 عبر تجاهل معلومات قدمها مكتب التحقيقات حول اثنين ممن شاركوا في خطف الطائرات في 11/9 عندما كانا يقيمان في سان دييغو. كما يقدم صوفان معلومات مفصلة ودقيقة حول توجه CIA إلى استخدام أساليب وحشية أثناء التحقيق. والحقيقة أن بعض المعلومات التي تدعي وكالة المخابرات أنها سرية، كما يقول شخصان ممن اطلعوا على المراسلات بين CIA وFBI، كانت قد نوقشت على الملأ في جلسة استماع لمجلس النواب وفي تقرير اللجنة الوطنية حول أحداث 11/9 وحتى في المذكرات التي أصدرها في العام 2007 مدير وكالة المخابرات السابق جورج تينيت.
وكان السيد صوفان، وهو ناطق بالعربية كان عميلا في وحدة مكافحة الإرهاب ولعب دورا أساسيا في معظم التحريات في مجال الإرهاب خلال الفترة بين عامي 1997 و2005، قد أخبر بعض زملائه أن مطالبته بحذف مقاطع من كتابه لا تهدف إلى حماية الأمن القومي بقدر ما تهدف إلى منعه من نشر معلومات سوف تؤدي برأيه إلى الإضرار بمصالح وكالة المخابرات الأمريكية.
ويبدو من الصعب تبرير مطالبة CIA لحذف الكثير من أجزاء كتاب السيد صوفان (الرايات السود: القصة الحقيقية لأحداث 11/9 والحرب ضد القاعدة) على أساس أمني بحت.
فمن بين هذه الأجزاء، وفقا للأشخاص الذين اطلعوا على المراسلات، عبارة تمثل جزءا من شهادة السيد صوفان أمام جلسة استماع لمجلس الشيوخ في العام 2009، رغم أن هذه العبارة متاحة على الإنترنت في التسجيل النصي وتسجيل الفيديو للجلسة.ومن بينها كذلك استخدام مفردة "محطة" لوصف مكاتب CIA خارج الولايات المتحدة، رغم أن استخدامها شائع منذ عقود.
علي صوفان (يسار) كان عميلا لمكتب التحقيقات الفدرالي |
وقد حذفت وكالة المخابرات ضمير المتكلم من الفصل الذي يصف فيه السيد صوفان دوره في التحقيق مع "أبو زبيدة"، الذي كان مديرا لأحد معسكرات تدريب الإرهابيين وأحد أبرز المتعاونين معهم. كما حذف مسؤولو الوكالة حقيقة مفادها أن صورة جواز السفر لواحد من خاطفي الطائرات يوم 11/9، ويدعى خالد المحضار وكان قد انتقل للإقامة في سان دييغو، كانت قد أرسلت للوكالة في يناير من العام 2000. وهذه الحقيقة مذكورة في تقرير اللجنة الوطنية حول أحداث 11/9 وفي كتاب السيد تينيت.
وقد أكد ديفيد كيلي، وهو أحد محامي السيد صوفان، في خطاب وجهه يوم 19 أغسطس إلى المستشارة العامة لمكتب FBI فاليري كابروني، أن "مصادر موثوقة أخبرت السيد صوفان أن CIA اتخذت قرارا بمنع نشر هذا الكتاب لأنه سوف يتسبب بالإحراج لوكالة المخابرات الأمريكية".
وقد أصدر السيد صوفان بيانا وصف فيه تعديلات وكالة المخابرات على كتابه بأنها "سخيفة"، وعبر عن ثقته في أنه سيتمكن من نشر طبعة ثانية تخلو من التعديلات. كما أضاف أنه يعتقد أن على ضباط مكافحة الإرهاب أن يعترفوا بكل شجاعة "أننا ارتكبنا أخطاء وخذلنا الشعب الأمريكي"، وقال "يؤسفني أن البعض منا يرفضون الحديث عن أخطاء الماضي".
وعقبت جنيفر يونغبلود، المتحدثة باسم وكالة المخابرات الأمريكية، بالقول إن "من السخف الحديث عن مطالبة CIA بحذف مقاطع من هذا الكتاب لمجرد أن محتواها لا يعجبها. إن عملية المراجعة المسبقة التي تجريها الوكالة تقتصر حصرا على ما إذا كانت المعلومات المنشورة سرية أم لا". وأشارت إلى أنه بموجب القانون فإن "وجود معلومات معينة في متناول العموم لا يعني بالضرورة أن الحكومة الأمريكية قد أفرجت عنها بصورة رسمية أو رفعت عنها طابع السرية".
أما مايكل كورتان، المتحدث باسم مكتب التحقيقات الفدرالي، فقد رفض التعليق على الموضوع.
ومن المفترض أن الكتاب، الذي ساعد في تأليفه دانييل فريدمان وهو زميل للسيد صوفان في شركته الأمنية، سوف يطرح للبيع اعتبارا من 12 سبتمبر. وبسبب الالتزامات والمواعيد المسبقة فقد قررت الشركة القائمة على النشر، وهي شركة و.و. نورتون وشركاه، أن تمضي قدما في نشر طبعة أولى تخلو من المقاطع التي طلبت CIA حذفها.
وأكد دريك مكفيلي، وهو رئيس شركة نورتون أن الشركة سوف تنشر طبعة كاملة من الكتاب دون حذف أي مقاطع إذا حصل السيد صوفان على الإذن بنشرها، سواء أكان ذلك عبر التفاوض أو بموجب حكم قضائي. وأضاف مكفيلي أن "التعديلات التي وضعتها وكالة المخابرات برأيي شائنة". لكنه شدد على أن هذه التعديلات تقتصر على بعض الفصول وأن "مضمون الكتاب يظل جليا على الرغم من هذه التعديلات".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق