أزهر مسعود
صحيفة The Nation الباكستانية
صحيفة The Nation الباكستانية
إسلام أباد – رفضت مؤسسة "الدراسات الاستراتيجية" (STRATFOR) ادعاء وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) بأن الرجل الذي قتل في المجمع السكني بأبوت أباد إنما كان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وقد كان هذا واحدا من الأسباب التي دفعت CIA لكتمان الأمر عن وكالة الاستخبارات الباكستانية الرئيسية (ISI).
تقول STRATFOR: "ثمة احتمال بأن يكون بن لادن قد توفي قبل ذلك، والواقع أن نفوذه في مجال العمليات الإرهابية كان قد انحسر تماما. وهذا لا يعني بالطبع أنه لم يكن زعيما أيديولوجيا قويا أو أنه لم يكن على رأس قائمة المطلوبين للأسر أو القتل لدى الولايات المتحدة لدوره في شن أكبر الهجمات الإرهابية تدميرا في التاريخ الأمريكي".
وتزعم STRATFOR في أحدث تقاريرها أن العمليات الاستخبارية الأمريكية المكثفة قد آتت ثمارها، فلعل مقتل بن لادن كان الهدف الرمزي الأكبر للـ CIA ولجميع من شاركوا في العمليات الأمريكية الخفية. والواقع أن الرئيس أوباما كان قد صرح خلال الخطاب الذي ألقاه في الأول من مايو أنه بمجرد استلام منصبه كرئيس للولايات المتحدة أوعز شخصيا لمدير المخابرات ليون بانيتا بأن قتل بن لادن هو أولويته الكبرى. وكانت التحديات اللوجستية التي واجهت عملية القبض على مطلوب واحد يملك ما يملكه بن لادن من الموارد كبيرة لدرجة أن الهدف الذي وضعته الولايات المتحدة لنفسها في العام 2001 لم يتحقق إلا بعد عشر سنوات.
ونتيجة للقيود المفروضة على اتصالات بن لادن منذ أكتوبر 2001 عندما غادر تورا بورا بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان، فقد تحول دوره إلى رمز أيديولوجي في تنظيم القاعدة. وأخذ يصدر أشرطة صوتية بمعدل شريط واحد لكل سنة تقريبا، وظل يصدر أشرطة فيديو حتى العام 2007.
وقد اختل نظام صدور هذه الأشرطة وتراجعت جودتها بصورة متزايدة، وتجلى ذلك عندما لم تصدر القاعدة في العام 2010 رسالة في ذكرى أحداث 11 سبتمبر، بل أتبعتها بشريط صدر في 21 يناير 2011.
والخلاصة من وجهة نظر عملية هي أن الخطر الذي تمثله القاعدة، باعتبارها جزءا من حركة جهادية أوسع نطاقا، لم يتغير بعد وفاة بن لادن. أما CIA فقد زعمت أن "مقتل بن لادن يمثل أكبر نجاح لعملية سرية منذ القبض على خالد شيخ محمد في العام 2003".
ولا شك في أن تأكيد وفاة بن لادن يعتبر نصرا معنويا كبيرا للولايات المتحدة وربما تكون له آثار واسعة المدى على الطبيعة الجيو-سياسية للمنطقة، لكن وفاة بن لادن لم يكن لها أثر يذكر على تنظيم القاعدة ولا على الحركة الجهادية بصورة عامة من وجهة نظر عملية.
تعتبر العملية التي قادت إلى مقتل بن لادن في مجمع سكني ناء بباكستان من أكبر الإنجازات النوعية للمخابرات الأمريكية خلال العقد المنصرم.
وقد صرح مصدر محلي كبير لكاتب هذه السطور: "لو لم يكن الأمر كذلك فلماذا تم التخلص من كافة الأدلة التي يمكن أن تثبت مقتل بن لادن؟ حيث لم يجر تشريح للجثة ولا تم جمع عينات من الحمض النووي DNA أو مطابقتها".
وتساءل مصدر آخر: "ماذا عن إحدى زوجات بن لادن، وتدعى أمل، التي ظلت محتجزة لدى المخابرات الإيرانية قبل أن تنتقل إلى أبوت أباد لكنها لم تظهر على الملأ مطلقا؟" وأضاف أن "أمل كانت تحظى بصلات قوية مع الأمريكيين. وعندما ارتحلت من إيران إلى باكستان كانت جميع خطواتها تحت المراقبة إلى أن تقرر أن تكون نهاية رحلتها في أبوت أباد".
ووفق بعض كبار المحللين في إسلام أباد فإن "المطاردة التي تكلفت ثلاثة تريليونات دولار انتهت بصمت مطبق. جثة هامدة لرجل "قتلته وحدة Navy Seals" ولم تحظ بأي تغطية إعلامية من جانب السلطات الأمريكية كتلك التي خصصتها للرئيس العراقي صدام حسين".
وبعد استلام هذه المعلومات الهامة، اتصل كاتب هذه السطور بأحد كبار الصحفيين الباكستانيين في العاصمة واشنطن صباح الخميس، ولم يستبعد هذا الأخير ما توصل إليه الكاتب في هذا الموضوع وقال: "لماذا كانت CIA على عجلة من أمرها للتخلص كل الأدلة على مقتل بن لادن الذي ظل في واجهة المشهد السياسي العالمي لأكثر من عقد كامل؟".
وقد وصف الصحفي الموجود في واشنطن تحطم مروحية شينوك التابعة للجيش الأمريكي ومقتل أكثر من 36 عضوا في Navy Seals بأنه جزء من الجهد المبذول للتخلص من أي دليل يمكن أن يقود للتعرف على ما جرى حقيقة يوم 2 مايو في أبوت أباد".
وتذكر STRATFOR أيضا أن الخطر الأبرز الآن يتمثل في وكلاء القاعدة الذين يمكن أن يسعوا لشن هجوم ضخم على الولايات المتحدة أو أي مكان آخر للثأر لمقتل بن لادن، لكن هؤلاء لا يملكون القدر الكافي من التدريب أو الموارد لشن مثل هذه الهجمات.
وكان مدير المخابرات الباكستانية الأسبق الفريق حامد غول قد أكد لصحيفة The Nation أن إسلام أباد لم تشكك قط في مصداقية STRATFOR، وأضاف: "أنا أتفق مع ما توصلتم إليه حول ما جرى بعد عملية 2 مايو. وهذا أحد أبرز الأسباب التي دفعت CIA للامتناع بالكامل عن إخبار نظيرتها الباكستانية بأنها قررت قتل بن لادن مزيف".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق