مترجم
بالرغم من تأكيد الوثائق الرسمية أن أدولف هتلر انتحر مع زوجته إيفا براون في 30 أبريل 1945 وأن جثتيهما تعرضتا للحرق في أحد ثكنات برلين، فإن أبيل باستي يدعي أنه يمتلك الدليل على بطلان هذه الرواية.
وقد توصل باستي بعد دراسة مطولة إلى أن زعيم الرايخ الثالث عمل في السنوات الأخيرة من عمره تاجرا للأعمال الفنية بعد أن أجرى جراحة تجميلية لتغيير معالم وجهه.
من المتوقع أن يكشف الصحفي والمؤرخ الأرجنتيني أبيل باستي عن هذه الاكتشافات المثيرة وغيرها في كتابه التوثيقي "منفى هتلر".
وعلى الرغم من تصدر الكتاب لقائمة الأكثر مبيعا في أميركا الجنوبية فقد جرى التكتم عليه في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، حيث ما تزال هاتان الدولتان تصران على أن الفوهرر الألماني انتحر خلال الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
لكن الادعاء بأن هتلر قد هرب برفقة عدد من كبار الضباط في وحدة الحماية الخاصة به إلى أميركا الجنوبية ليس جديدا، حيث يقول نيل نيكاندروف (الأساس الثقافي الاستراتيجي، "جميع قادة الرايخ الثالث هربوا إلى أميركا الجنوبية"): "في كتابه المدعم بالوثائق، أسطورة بقاء هتلر (1981)، يحدد دونالد ماكيل أقدم أسباب نشوء خرافة هرب هتلر إلى النصف الجنوبي من الكرة الأرضية وهو استسلام إحدى الغواصات الألمانية في مطلع يوليو 1945 في مار دل بلاتا بالأرجنتين.
"أصر عدد كبير من صحف بوينوس آيرس، تكذيبا للبيان الصادر عن البحرية الأرجنتينية، على أن مجموعة من القوارب المطاطية شوهدت تخرج من الغواصة، كما تم رصد غواصات أخرى في المنطقة.
"في 16 يوليو 1945 نشرت صحيفة شيكاغو تايمز مقالا مثيرا ادعى أن أسرة هتلر تمكنت من التسلل إلى الأرجنتين.
أول ظهور لأسطورة وجود هتلر في الأرجنتين كان في كتاب صدر عام 1947
"كان لاديسالو تسابو، وهو إعلامي هنغاري، شاهدا على وصول الغواصة الألمانية وخروج أفراد طاقمها منها. كان قد سمع بأن الوجهة الأصلية للغواصة هي القطب الجنوبي فافترض، مخطئا، أن هتلر قد هرب إلى القطب الجنوبي ونشر كتابا بعنوان "هتلر حي يرزق"، يتحدث فيه عن المكان الذي افترض وجود هتلر فيه وهو بالقرب من بحر ويدل، وهي منطقة زارتها بعثة ألمانية في العام 1938/1939 بقيادة الكابتن ريتشتر.
"لكن افتراض تسابو كان خاطئا.
"لو أنه قرأ الكتاب الذي نشره البروفيسور هوغو فرنانديز أرتوسيو في العام 1940 بعنوان "النازيون في أوروغواي" لكان اكتشف أن المقصد الحقيقي للرحلة لم يكن القطب الجنوبي بل منطقة باتاغونيا (بين الأرجنتين وتشيلي) وأن وجهة الغواصة كانت منشورة على الملأ في نيويورك في العام 1939" (نيل نيكاندروف).
باستي يبحث بإصرار أكبر
لا دخان بدون نار. قضى باستي سبع سنوات في البحث عن النار أجرى خلالها أبحاثا شديدة التعقيد. فقد قام بنفسه بزيارة مبان يقف على أبوابها حراس ألمان أشداء وأجرى مقابلات مع قرويين شهود عيان ممن لا يزالون على قيد الحياة، بل إنه حصل على صور فوتوغرافية موثقة يظهر فيها هتلر وبراون خلال السنوات التي قضياها في المنفى.
"ذكر باستي في كتابه أن أدولف هتلر وإيفا براون وعدد من مساعدي الفوهرر المقربين غادروا برلين المحترقة بالطائرة إلى إسبانيا..ثم عبروا المحيط الأطلسي على متن ثلاث غواصات ووصلوا إلى الأرجنتين.
"في الفترة بين يوليو وأغسطس 1945 وصل هتلر ومن معه إلى منطقة قريبة من قرية كاليتا ديل لوس لوروس في مقاطعة ريو نيغرو وتوغلوا داخل الأرجنتين.
"يقال إن المسار السري نفسه، والذي كان قد أعده كبار المسؤولين التابعين لهيملر، قد استخدمه أيضا كل من بورمان ومينغيل وآيخمان.
"تتبع باستي الطرق التي سلكها هتلر وبراون عبر الأرجنتين بمساعدة بعض مؤيدي النازية، ووصف الحياة الأسرية للزوجين والتي تكللت بإنجاب عدد من الأطفال على الرغم من القيود التي فرضها عليهما كونهما مختبئين.
لم يبد السوفيت أي قدر من التعاون في توضيح كيفية وفاة الزعيم الألماني.
"كان التعامل مع السوفيت صعبا. فقد منعوا الغربيين من دخول برلين حتى بعد استسلام حكومة دونيتس وآخر القوات في الميدان بحلول 9 مايو. وفي 10 مايو أعلن السوفيت العثور على جثث محترقة في فناء مبنى المستشارية، واكتفوا بالقول إن إحداها ربما كانت جثة هتلر. ويقال إنه لم يتم العثور على جثة هتلر مطلقا.
في 6 يونيو، أعلن متحدث باسم الجيش السوفيتي في برلين بكل وضوح أن هتلر قد انتحر وأن جثته قد تم التعرف عليها. وبعد مضي ثلاثة أيام عقد قائد الجيش السوفيتي المارشال جوكوف مؤتمرا صحفيا بحضور نائب وزير الخارجية أندريه فيشينسكي قال فيه "لم نتعرف على جثة هتلر" وأضاف "ليس لدي ما أقوله حول مصيره. ربما يكون هرب من برلين في اللحظة الأخيرة" (نيل نيكاندروف)
مقابلة مع باستي
أجرى الصحفي الأرجنتيني سانتياغو روميرو مقابلة مع أبيل باستي حول هرب هتلر وحياته في باتاغونيا والأحداث التي تلت انتهاء الحرب العالمية الثانية.
روميرو: ما رأيك في هرب هتلر؟
باستي: لقد هرب هتلر بطائرة من النمسا إلى برشلونة. ثم استخدم غواصة من فيغو إلى شاطئ باتاغونيا. أخيرا استقل السيارة برفقة زوجته إيفا براون وسائق وحارس شخصي – في موكب لا يقل عن ثلاث سيارات – إلى قرية باريلوش (الأرجنتين).
أقام هتلر في منطقة تدعى سان رامون، على بعد 15 كيلومترا من القرية المذكورة، وهي مزرعة ضخمة تبلغ مساحتها 250,000 آكر وهي مطلة على بحيرة ناويل هوابي، وهي ملكية ألمانية منذ مطلع القرن العشرين، حيث كانت مملوكة لشركة ألمانية باسم شامبورغ-ليب."
روميرو: ما هو الأساس الذي يقوم عليه ادعاؤك بأن هتلر مكث في إسبانيا بعد مغادرته ثكنته ببرلين؟
باستي: لقد استطعت أن أثبت مكوث هتلر في إسبانيا بفضل قس يسوعي – تقدم به العمر الآن – كان أفراد أسرته من أصدقاء الزعيم النازي الراحل. ولدي شهود على اجتماعات كان يعقدها مع أفراد حاشيته في مقر إقامتهم آنذاك في كانتابريا.
إضافة إلى ذلك، هناك وثيقة للمخابرات البريطانية تكشف أن تلك الفترة شهدت مغادرة مجموعة من الغواصات النازية لإسبانيا، ثم توقفت في جزر الكناري قبل أن تواصل رحلتها إلى جنوب الأرجنتين.
لقد كان هتلر وزوجته إيفا براون على متن إحدى تلك الغواصات، التي وصلت إلى باتاغونيا بين يوليو وأغسطس 1945، إبان حكم الرئيس إيدلميرو فاريل وبعده خوان دومينغو بيرون الذي كان وزيرا للحرب آنذاك. وهناك أيضا وثيقة هامة تذكر أن مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (FBI) بحث عن هتلر في إسبانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
روميرو: من أين غادر إلى باتاغونيا؟
جميع الأدلة تشير إلى سواحل غاليسيا، والتي كانت مركزا هاما لإمداد الغواصات الألمانية خلال معركة الأطلسي، لدرجة أن تشرشل درس إمكانية غزوها لكنه ألغى هذه الفكرة بعد صناعة الآلة "إنيغما" المتخصصة في حل الشيفرات السرية والتي مكنت الحلفاء من فك شيفرات الرسائل المتبادلة بين الغواصات مما أدى إلى قلب مسار حرب الغواصات بأكملها.
من المحتمل أن يكون غادر من فيغو أو فوريل، لكن وثائق المخابرات البريطانية تقول إنه غادر عبر فيغو.
روميرو: كيف كانت حياة هتلر في الأرجنتين؟
باستي: ظل هتلر مختبئا برفقة زوجته وحارسه الشخصي. قضى سنواته الأولى في باتاغونيا، ثم انتقل إلى المقاطعات الشمالية (في الأرجنتين).
في السنوات الأولى، كان يعقد اجتماعات في أنحاء مختلفة من الأرجنتين مع النازيين في باراغواي فضلا عن مؤيديه من دول مختلفة.
أصبح التعرف عليه صعبا بعد أن قام بحلاقة شعره وشاربه. حرص على العيش بعيدا عن المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، لكنه عقد بعض الاجتماعات في بوينوس آيرس. وقد توفي في ستينيات القرن الماضي في الأرجنتين.
أنا أبحث في الوقت الحالي عن المكان الذي دفن فيه وأدرس الأيام الأخيرة من حياته.
روميرو: هل حصلت على وثائق من الاتحاد السوفيتي السابق؟
باستي: ظل ستالين، حتى وفاته عام 1953، مقتنعا بأن هتلر قد هرب. وفي العام 1945 أخبر ستاليت حلفاءه بهذه القناعة. هناك ثلاث وثائق مكتوبة بخط اليد يذكر فيها الزعيم السوفيتي الراحل أن هتلر قد هرب.
لقد أجريت في الأرجنتين مقابلات مع أشخاص أكدوا أنهم شاهدوا هتلر أو تعاملوا معه. وهناك كمية كبيرة من الوثائق التي تؤكد أن هتلر قد هرب.
روميرو: إلى أي درجة تتوقع أن يؤثر كتابك على الرواية الرسمية حول وفاة هتلر؟
باستي: لقد أثبتت الدراسات الحديثة أن بقايا جثة هتلر المحفوظة في الكرملين ليست بالفعل لهتلر، لكن الغالبية من الروس ترفض احتمال أن يكون قد هرب. وهذا ينطبق أيضا على جميع الدول التي شاركت في الحرب.
لقد جددت الولايات المتحدة فرض السرية (لأغراض الأمن القومي) لمدة 20 عاما إضافية على كافة الوثائق الرسمية المرتبطة بهذه القضية، ولعل هذه السرية ترفع عن هذه الوثائق عندما تنتهي هذه المدة.
أما البريطانيون فقد جددوا فرض السرية على كافة الوثائق المرتبطة بالموضوع لمدة 60 عاما إضافية، لذا فإن الباحثين لا يستطيعون الاطلاع عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق