تعد هذه الرواية لميخائيل بولغاكوف (1891-1940) واحدة من أفضل الروايات التي صدرت في روسيا خلال الحقبة السوفيتية، ويعدها كثيرون أفضل رواية في القرن العشرين. كتبها صاحبها وأحرق مخطوطتها عام 1930 ثم أعاد كتابتها من ذاكرته عام 1931، وأنهى مسودتها الثانية عام 1936 ثم الثالثة عام 1937 وظل يعمل على إعداد المخطوطة الرابعة حتى وفاته عام 1940. ولم تجد الراوية طريقها للنور إلا بعد ستة وعشرين عاماً عندما نشرتها أرملته في مجلة موسكو الأدبية في حلقات اعتباراً من نوفمبر 1966.
تدور الأحداث الرئيسية للرواية في روسيا في ثلاثينيات القرن العشرين، وهي تروي قصة زيارة الشيطان – تحت اسم مستعار هو البروفيسور فولند، وأربعة من أعوانه إلى مدينة موسكو. يظهر فولند في الفصل الأول من الرواية (لا تحدثوا الغرباء أبداً)، على أنه بروفيسور أجنبي – ألماني – ويناقش الأديب برليوز رئيس رابطة الماسوليت الأدبية والشاعر إيفان بزدومني حول وجود المسيح والشيطان. يتنبأ فولند لبرليوز بأنه سيموت في ذات اليوم، وأن امرأة ستقطع رأسه، كما يتنبأ لبزدومني بأنه سيُشخص مصاباً بالشيزوفرينيا.
وتمضي بنا الرواية في خطين متوازيين: الأول تقع أحداثه في موسكو والوقائع الغريبة التي تشهدها هذه المدينة بوجود الشيطان وأعوانه، والثاني في مدينة القدس إبان عملية صلب المسيح المزعومة ودور "بيلاطس البيزنطي" في تلك العملية. وقد عمد بولغاكوف إلى توظيف عناصر الفانتازيا في تقديم وصف ساخر للغاية من قيم الجشع والفساد والمادية التي سيطرت على المجتمع السوفيتي في عهد ستالين في مقابل الطهارة والسمو والرفعة التي كان يتصف بها المسيح عليه السلام في أقواله وأفعاله. ولعل هذا هو السبب الذي حال دون نشر الرواية في زمن يلتسين وجعلها تنتظر عهد خروتشوف لكي ترى النور.
أما عن أبطال الرواية، عدا عن فولند، فهناك "المعلم" الذي لا نعرف له اسماً ونلتقي به للمرة الأولى في المصحة النفسية ثم نعرف أنه كتب رواية عن بيلاطس البيزنطي ثم أحرقها (كما فعل بولغاكوف بروايته هذه) لكن الشيطان يعيدها لتظهر للنور من جديد (كما حصل مع رواية بولغاكوف أيضاً). أما مارغريتا فهي امرأة متزوجة تحب المعلم إلى أبعد الحدود وتضحي بزوجها وكل ما تملك في سبيل الالتقاء به، ويكون لها ما تمنت وتلتقي به لقاء أبدياً.
يشعر من يقرأ رواية المعلم ومارغريتا أنه يشاهد مسرحية (ولا أقول فيلماً) أبطالها قريبون جداً من الجمهور. قريبون بالمعنى المجرد لا الحسي. ولا يجد القارئ أي غضاضة في الربط بين الأحداث والمقارنة بينها، ولا حتى في استدعاء الأسماء الكثيرة للشخصيات التي تحفل بها الرواية. ولعل اللغة الساخرة التي كتبت بها الرواية هي أكثر ما يميزها ويجعل من قراءتها تجربة محببة ممتعة.
ظهر تأثر بولغاكوف بأسطورة فاوست واضحاً في الرواية، بدءاً من الاقتباس في مقدمتها، واستعارة شخصية مارغريتا من فاوست غوته، ومروراً بالتأثيرات الظاهرة في شخصية فولند، وحضور السحر الأسود والساحرات. والجولة التي يقوم بها البطل بين مواطن السحر الأسود. بالإضافة إلى ذلك، تظهر تأثيرات نصوص دينية (أو شبه دينية) في شخصيات الرواية، غير يسوع ومتى وبيلاطس. فبهيموث القط مأخوذ من الكلمة العبرية التي تعني البهيمة الجبارة، والمذكورة في التوراة. بالإضافة إلى الكيان أبادونا المأخوذ من الهلاك أو ملاك الجحيم (أبادون). وعزازيل القاتل المأجور يظهر فيه بوضوح الاسم التوراتي القديم لإبليس (عزازيل).
المراجع:
1. الشيطان يزور موسكو "المعلم ومارغريتا". ميخائيل بولغاكوف.
2. ويكيبيديا.
3. http://www.enotes.com/master-margarita
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق