الثلاثاء، مارس 20، 2012

أرض الصومال: هل هي الدولة الجديدة التالية؟

دايو أولوبيد*
(نيويورك تايمز)

هل تتمتع بالإرادة دولة غير معترف بها؟ هنا في "جمهورية أرض الصومال"، الجزء الشمالي شبه المستقل من دولة الصومال الممزقة، وجدت أن الإجابة هي: نعم بالتأكيد.

لا تملك الحكومة المركزية في مقديشو أي سلطة فعلية على هرغيسا، عاصمة أرض الصومال، أو على سكان الإقليم البالغ عددهم 3.5 مليون نسمة. ومنذ العام 1991، عندما سقطت الصومال في هاوية الفوضى بعد سقوط نظام الحكم الدكتاتوري لسياد بري، قامت أرض الصومال بكتابة دستور خاص بها، وأجرت أربع انتخابات اتسمت بالسلمية، وأسست بنكا مركزيا يتولى إصدار عملة خاصة بها، وشيدت المدارس والجامعات، وأنشأت جهازا أمنيا متماسكا استطاع النأي بنفسه عن الجماعات الإرهابية مثل "الشباب"، وهي جماعة وهابية تعيث فسادا في الجزء الجنوبي من الصومال.

وبالرغم من أن أرض الصومال تقع بمحاذاة خليج عدن المتلاطم فإن سواحلها ظلت بمأمن من خطر القراصنة، بل إن ثمة 70 قرصانا محتجزين في سجن يخضع للحراسة المشددة في هرغيسا. وعندما دفع الجفاف بمنطقة القرن الأفريقي إلى صدارة عناوين الأخبار في السنة الماضية تمكنت حكومة أرض الصومال من تجاوز أسوأ آثار الأزمة من خلال إنفاق ما يقارب 10 ملايين دولار – جمعتها من مصادر حكومية وأهلية ومن المواطنين المغتربين – بينما كانت أطنان المساعدات الغذائية تتعرض للسلب والنهب في الأجزاء الجنوبية من الصومال.


تنفق أرض الصومال حوالي 50% من ميزانيتها البالغ حجمها 43 مليون دولار على قوات الشرطة والأمن. وعندما غادرت هرغيسا تكفلت الحكومة بإرسال حارس مسلح لمرافقتي. وقد أخبرتني شكري إسماعيل، وهي العضو النسائي الوحيد في أول هيئة وطنية انتخابية في البلاد، أن السكان لا يعارضون اتخاذ مثل هذه الإجراءات لأن المرء "إذا لم يعش بسلام فكل شيء آخر يفقد قيمته".

وهنا تكمن المفارقة: تختلف أرض الصومال عن إريتريا وتيمور الشرقية وكوسوفا وجنوب السودان، وهي التي انضمت حديثا إلى نادي الدول المستقلة، في أنها تمضي في تسيير شؤونها دون عنف ودون اقتتال داخلي، ولذا فإنها تبقى محرومة من الفرص الاقتصادية التي يحصل عليها غيرها مثل منحة "إيجاد فرص العمل" التي قدمها البنك الدولي لدولة جنوب السودان بقيمة 9 ملايين دولار.

إن أرض الصومال بحاجة للدعم للاقتصادي، فالطاقة الكهربائية لا تصل إلا لجزء صغير من القاطنين في هرغيسا وعددهم 1.2 مليون نسمة، بينما يتم توليد الكميات المتبقية بشكل فردي وبتكاليف عالية. كما أن مرافق المياه شبه معدومة، والطرق الفرعية مقطعة الأوصال في معظم المناطق.

ويعبر وزير التخطيط سعد شير عن تفاؤله بأن البنية التحتية الضعيفة في أرض الصومال يمكن أن تسهم في حصولها على الاعتراف الدولي الرسمي، وهو يقول إن الاستقلال سوف يزيل الحواجز التي تمنع تدفع المساعدات الخارجية والقروض الخارجية والاستثمار الخارجي. وقد أكد أنه في الوقت الحالي "لا يجرؤ سوى القليل من الناس على الاستثمار في دولة لا تحظى بالاعتراف الدولي". وتحصل الدولة على النقد من قاعدتها الضريبية الصغيرة ومن التحويلات التي يرسلها المغتربون في الخارج وتبلغ قيمتها 500-600 مليون دولار سنويا.

ويعد النفوذ الخارجي غير مرحب به في هذه الدولة بالرغم من المكاسب التي يمكن أن يجلبها، وهذا يعزى جزئيا إلى الشعور بالاعتزاز بما حققته البلاد دون أي مساعدة خارجية. وقد حدثني إسماعيل، وهو مدير منظمة غير حكومية محلية تدعى "ضوء الشموع"، عما كان مواطنو أرض الصومال يفعلونه أثناء صياغة دستورهم في مطلع التسعينيات "كنا نذبح أغنامنا وخرافنا وننفق أموالنا التي جمعناها فلسا فلسا". وكما أوضح نيكولاس يوبانك من ستانفورد، فإن التعود على العيش دون مساعدات خارجية ودون تدخلات خارجية يعيق استغلال الموارد ويؤدي إلى مزيد من العزلة.

باءت جميع جهود الوساطة الخارجية في الصومال بالفشل. وقد أشار عدة أشخاص في أرض الصومال إلى أن الهيكل غير الفاعل المسمى "الحكومة الفدرالية الانتقالية" كان نتيجة دوامات دبلوماسية مثل اتفاقية جيبوتي (2008) والتي نصت على وقف إطلاق النار بين الحكومة الانتقالية والمعارضة المسلحة، ومعاهدة كمبالا (2011) التي نصت على تأجيل الانتخابات وتمديد عمل الحكومة الانتقالية. وبسبب الفوضى التي سادت المناطق الجنوبية من الصومال فقد أرسلت كل من كينيا وإثيوبيا وأوغندا قواتها لتخوض هناك معارك ضارية أسفرت عن خسائر فادحة في صفوف المدنيين.

في المستقبل القريب سوف تظل أرض الصومال تتأرجح بين رفض المساعدات الخارجية والحاجة إليها. وقد عبر بيان صدر عقب انعقاد اجتماع على مستوى القمة حول الصومال في لندن عن "الترحيب بالنجاح الذي تحقق في بعض أجزاء الصومال في المحافظة على الاستقرار في بعض المناطق المحلية" لكنه لم يتطرق إلى الحملة التي أطلقتها أرض الصومال لنيل الاستقلال، حيث تنأى الدول من خارج المنطقة بنفسها عن التعدي على الحكومات الأفريقية المحيطة أو بقايا النظام الحاكم في الصومال نفسها.

وهذا ما يثير انزعاج الشباب في أرض الصومال، وهم الذين لم يشهدوا في حياتهم غير هذه الدولة الوليدة. وقد قالت لي سهيلة، وهي طالبة عمرها 15 عاما التقيت بها في معهد أبارسو للتقنية وهو من أفضل معاهد أرض الصومال، إنها تشعر بخيبة أمل عميقة من مقررات قمة لندن وأضافت: "لقد ذهبنا نحن الصوماليين إلى ذلك المؤتمر ولم نتوصل إلى اتفاق. نحن نريد أن تكون لنا دولة. لقد استطعنا أن نحقق السلام، ولدينا حكومتنا".

* صحفية تغطي قضايا السياسة والتنمية الدولية، وهي تعكف حاليا على تأليف كتاب عن الإبداع في أفريقيا.

ليست هناك تعليقات: