الخميس، سبتمبر 15، 2011

استخدام أسلوب استراتيجيات التعلم مع الموهوبين ذوي صعوبات التعلم




جوليا تلميذة بالصف الثالث ملتحقة ببرنامج خاص بالموهوبين في مدرستها. ورغم أنها تبذل الكثير من الجهد فإنها نادرا ما تنجز المهمات المطلوبة منها وغالبا ما تكون منضدتها في حالة فوضى. جوليا تحب الكتابة ولكن معلمتها لا تستطيع قراءة كتاباتها بسبب ضعف تهجئتها ورداءة خطها. تحقق جوليا درجات متوسطة ولكن معلماتها يكررن لها أن بإمكانها أن تحقق أفضل إذا بذلت مزيدا من الجهد.

جيسون طالب في الصف الخامس تم تشخيصه على أنه من ذوي صعوبات التعلم، وهو يحضر ثلاث حصص أسبوعيا في غرفة المصادر مع معلم التربية الخاصة وأربعة من الطلاب ذوي صعوبات القراءة. ورغم اهتمامه بحصص غرفة المصادر فإنه لا ينفك يخبر معلميه عن المشروع الذي يعمل به  في المنزل. فبعد أن شاهد في التلفاز برنامجا عن الهندسة المعمارية قرر أن يرسم مخططا للمنزل الذي يعيش فيه، كما صمم نموذجا مصغرا له. كما صمم مشروعا لإنشاء مركز ترفيهي بالحي الذي يعيش به. ورغم هذا كله فإن درجاته في المدرسة تتراوح بين جيد جدا وجيد.

يشترك جيسون وجوليا في خاصية هامة هي أنهما ينتميان لفئة نادرة من البشر هم الموهوبون ذوو صعوبات التعلم. فبعد أن كانت كل خاصية من الاثنتين تعتبر منفردة أصبح من المقبول وجود تلاميذ يتمتعون بذكاء مرتفع ويعانون من صعوبات تعلمية في الوقت ذاته (ماك إيتشرن وبورنوت،2001). غير أنه من الصعب تقدير عدد التلاميذ الذين ينتمون لهذه الفئة (بيز، 1998). وفي عام 1989 قدر ساه وبورلاند أن مجموعة الطلاب الموهوبين ذوي صعوبات التعلم هي الأكبر في المجموعات التي تنتمي لفئة الموهوبين ولفئة ذوي صعوبات التعلم، كما أشارا إلى أن الكثير من الطلاب في هذه المجموعة لا يتم التعرف عليهم وتشخيصهم لأن مواهبهم تحجب صعوباتهم التعلمية مما يؤدي إلى استحالة معرفة عددهم الحقيقي.


اقترح بعض الباحثين أعدادا تقريبية للموهوبين ذوي صعوبات التعلم في الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث قدر (وينر، 1996) أن هناك ما بين 120,000 و 180,000  طالب يعانون من صعوبات تعلمية ويمتلكون ذكاء فوق المتوسط، وأشار إلى أن 10% من ذوي الذكاء المرتفع في المدارس الثانوية يعانون من انخفاض مستوى القراءة بمقدار صفين دراسيين. وقدر باحثون آخرون أن 2-10% من الموهوبين الملتحقين بالبرامج الخاصة بهم يعانون من صعوبات تعلمية (ماك إيتشرن وبورنوت، 2001). بينما تنبأ آخرون بأن العدد الفعلي يقارب 2-5% من مجموع الموهوبين في الولايات المتحدة (دليزل وغالبريث، 2002).

وبغض النظر عن نسبة الانتشار، فإن ثمة طلابا موهوبين ذوي صعوبات تعلمية في مدارس الولايات المتحدة، ولديهم احتياجات خاصة لا بد من تلبيتها لهم ضمن إطار النظام التربوي العام (بيز، 1998). ينبغي أن يكون كل من معلمي التربية الخاصة والمعلمين العاديين ومعلمي الموهوبين على دراية بالخصائص الفريدة للطلاب الموهوبين ذوي صعوبات التعلم وبالاستراتيجيات اللازمة لاستثمار طاقاتهم إلى أقصى حد. تستعرض هذه الدراسة خصائص الطلبة الموهوبين ذوي صعوبات التعلم وتناقش الاسترتيجيات التعليمية التي تساعدهم في الإنجاز الأكاديمي.

وبالرغم من انعدام وجود تحديد لأعداد الطلاب المنتمين لهذه الفئة فإن العقود الثلاثة الأخيرة شهدت تزايدا للوعي بهم على المستويين المهني والعام (هيشينوما، 2000) بينما كان هؤلاء الطلاب عبر التاريخ يعانون من الازدراء والإهمال في مدارسهم، وحتى في هذه الأيام لا تمتلك المناطق التعليمية المختلفة الأدوات اللازمة للكشف عنهم وتشخيصهم وتقديم الخدمات لهم ( برودي وميلز، 1997؛ فيتزر، 2000). وهكذا فإن مجموعة فريدة من الطلبة في المدارس ما زالت محرومة من التشخيص ومن تلقي الخدمات التي ترتقي بمستواهم الأكاديمي.

تشخيص الموهوبين ذوي صعوبات التعلم

عند دراسة فئة الموهوبين ذوي صعوبات التعلم تبرز بضعة مجموعات متمايزة.
المجموعة الأولى تتضمن التلاميذ الذين تم تشخيصهم على أنهم موهوبون ولكن لديهم صعوبات تعلمية بسيطة ( بوم وكوبر ونيو،2001؛ برودي وميلز،1997؛ فيتزر،2000؛ ليتل، 2001). من السهل تشخيص أفراد هذه الفئة على أنهم من الموهوبين نظرا لارتفاع مستوى ذكائهم أو تحصيلهم الأكاديمي. قد يلاحظ معلموهم قدراتهم اللفظية المميزة لكنهم يحبطون بسبب ضعف التهجئة ورداءة الخط لديهم.  يتصف هؤلاء التلاميذ بالإهمال والعشوائية، وبينما يتقدم عمرهم الدراسي تتسع الفجوة بين تحصيلهم الفعلي وبين ما هو متوقع منهم مما يسبب الارتباك لمعلميهم الذين يتوقعون منهم أداء مناسبا لتشخيصهم كموهوبين. في العادة لا يتم تشخيص أفراد هذه المجموعة أبدا على أنهم من ذوي صعوبات التعلم. فبسبب كونهم يتقدمون على مستواهم الدراسي العادي فإنه يتم التجاوز عنهم في عملية الكشف عن ذوي صعوبات التعلم. 
المجموعة الثانية من الموهوبين ذوي صعوبات التعلم تضم التلاميذ الذين تحجب موهبتهم صعوباتهم التعلمية أو العكس فلا يتم تشخيصهم في أي من الفئتين ( بوم وكوبر ونيو،2001؛ برودي وميلز،1997؛ فيتزر،2000؛ ليتل، 2001). يصعب تشخيص أفراد هذه المجموعة لأن ذكاءهم المرتفع يعمل على التعويض عن صعوباتهم التعلمية بينما تمنع هذه الصعوبات من ظهور وتميز ذكائهم المرتفع وهكذا فإن معظم معلميهم لا يلاحظون تميزهم. ومثل أفراد المجموعة السابقة يتفوق هؤلاء التلاميذ ضمن صفهم الدراسي دون الحاجة إلى خدمات تربوية خاصة. لكن مع تقدم المراحل الدراسية وزيادة متطلباتها يصبحون بحاجة إلى الدعم للحيلولة دون تفاقم الصعوبات التي يواجهونها، وإذا لم يتلقوا المساعدة اللازمة فإن أداءهم سوف يتراجع إلى الحد الذي يوحي بوجود صعوبات تعلمية لديهم. أطلق فيتزر تسمية المجموعة الخفية على أفراد هذه المجموعة من الموهوبين ذوي صعوبات التعلم، واقترح أن يتعرف معلموهم عليهم من خلال مخرجاتهم الإبداعية.

المجموعة الأخيرة من الموهوبين ذوي صعوبات التعلم تضم التلاميذ الذين تم تشخيصهم على أنهم يعانون من صعوبات تعلمية، ولكنهم أيضا موهوبون ( بوم وكوبر ونيو،2001؛ برودي وميلز،1997؛ فيتزر،2000؛ ليتل، 2001). التلاميذ في هذه المجموعة يعرفون بما لا يستطيعون فعله وليس بما يستطيعون القيام به بالفعل. وفي كثير من الأحيان يوضعون في صفوف خاصة بذوي صعوبات التعلم لأن صعوباتهم تحول دون تحقيقهم للتحصيل المتوقع منهم على أساس الذكاء وحده. في العادة تكون الصعوبات التعلمية لدى تلاميذ هذه المجموعة أشد وأوضح منها لدى تلاميذ المجموعتين السابقتين مما يسهل على معلميهم اكتشافها لديهم، ولكن التقييم غير الدقيق لذكاء هؤلاء التلاميذ يؤدي إلى الاستهانة بقدراتهم الخاصة بحيث لا يتلقون أي خدمات خاصة بتلك القدرات المميزة.

 خصائص التلاميذ الموهوبين ذوي صعوبات التعلم

يشترك التلاميذ الموهوبون ذوو صعوبات التعلم في العديد من الخصائص. فهم جميعا يمتلكون قدرات أو مواهب مميزة ويعانون من صعوبات تعلمية تحول دون التحصيل الأكاديمي المرتفع ( برودي و ميلز،1997).
·   تتضمن الخصائص الإيجابية لهؤلاء التلاميذ كلا من مهارات التفكير المجرد، وحل المشكلات، والمنطق الرياضي ( فيتزر،2000؛ ماك إيتشرن وبورنوت،2001؛ روبنسون،1999؛ وينفلد وبارنز روبنسون وجولر وشيفتز،2002؛ ويلارد هولت،1999)، وهم يستطيعون إدراك العلاقات البسيطة ويمتلكون مهارات تواصل جيدة. ومعظم التلاميذ الموهوبين ذوي صعوبات التعلم من المبدعين ويتمتعون بمدى واسع من الاهتمامات والهوايات. ومن خصائصهم أيضا الفضول والحس المرهف بالدعابة وقوة الذاكرة البصرية والقدرة على إدراك التناقض والترادف والمفردات المعقدة، إضافة إلى التميز في الهندسة والعلوم والموسيقا والآداب ووجود الاستماع الجيد وسرعة الاستيعاب ووجود مهارات التحليل.
·   هناك عدد من السمات الموجودة لدى الموهوبين ذوي صعوبات التعلم والتي تسبب مشكلات أكاديمية وتتطلب تقديم خدمات تربوية خاصة لتلافيها. فبعض هؤلاء التلاميذ يصيبهم الإحباط بسهولة ويعانون من تدني مفهوم الذات ويجدون صعوبة في الأنشطة التي تتطلب الحفظ الاستظهاري والمتزامن، إضافة إلى مشكلات في الحساب والصوتيات والتهجئة. كما يعاني الكثير منهم من رداءة الخط وضعف المهارات التنظيمية. ويكون أداء هؤلاء التلاميذ متدنيا على الاختبارات المحددة بزمن وقد يصل بهم الأمر إلى الفشل الدراسي عموما. والكثير من هؤلاء لا يحبون المدرسة بل يميلون إلى الأنشطة التعلمية خارج المدرسة. في العادة يكون التلاميذ الموهوبون ذوو صعوبات التعلم من طالبي الكمال ويميلون إلى انتقاد أنفسهم والآخرين بشكل متكرر. وفي حال فشلهم في إنجاز مهماتهم يبدو عليهم الاضطراب، كما يميلون إلى الاحتجاج على تكرار التدريب على المهارات الأساسية.

الاستراتيجيات التدريسية للتلاميذ الموهوبين ذوي صعوبات التعلم

في العادة لا يتلقى الموهوبون ذوو صعوبات التعلم خدمات خاصة بالفئتين معا ( بيز،1998؛ برودي وميلز،1997؛ ليتل،2001؛ ويلارد وهولت،1999). فهم كموهوبين يحتاجون إلى برامج للإثراء أو التسريع بما يتناسب مع قدراتهم، كما يحتاجون إلى مراعاة صعوباتهم التعلمية أيضا.

حدد روبنسون 1999 عاملين يشعر البالغون ذوو صعوبات التعلم أنهما أسهما في نجاحهم: العامل الأول هو معرفة جوانب القوة والضعف لديهم، والثاني تغيير إدراكاتهم تجاه خصائصهم التعلمية والانتقال من التركيز على الفشل وحده إلى الفهم المتوازن لعوامل الفشل والنجاح لدى كل فرد. حيث وجد هؤلاء البالغون أن اتجاهاتهم ومشاعرهم تجاه أنفسهم كانت الأكثر أهمية في توجيههم إلى النجاح. وهكذا فإن تقدير الذات واستقلالية التعلم هي مجالات رئيسية لا بد من التركيز عليها عند إعداد التلاميذ الموهوبين ذوي صعوبات التعلم لمواجهة المستقبل.

وهناك عدة اقتراحات من أجل تقديم خدمات أفضل للموهوبين ذوي صعوبات التعلم، والكثير منها يشبه تلك المقدمة لذوي صعوبات التعلم من غير الموهوبين. من هذه الاقتراحات استخدام الحاسوب، والكتب المسجلة على أشرطة، وتدريس الأقران، والاختبارات الشفهية أو غير المحددة بزمن، والنشاطات التعاونية ( برودي وميلز،1997؛ دول،2000؛ فيتزر،2000). وهناك اقتراحات أكثر تحديدا تتضمن السماح للتلاميذ باختيار الأدوات التي يمكن لها أن تبرز تفوقهم بدلا من الاستعانة التقليدية بالورقة والقلم، إضافة إلى التركيز على جوانب القوة لا جوانب الضعف. كما اقترح كل من بوم وكوبر ونيو2000 مراعاة اهتمامات التلميذ عند تصميم المنهاج من أجل تلافي حدوث مشكلات الانتباه والتركيز.

ويحتاج الموهوبون ذوو صعوبات التعلم إلى إرشاد متخصص. حيث يمكن أن يساعد المرشد التلاميذ على تحسين سلوكهم الصفي ورفع تقدير الذات وتطوير علاقات شخصية أكثر إيجابية ( ماك إيتشرن وبورنوت،2001). يمكن أن تساعد هذه الجوانب الإرشادية في رفع مستوى التحصيل الأكاديمي نظرا لازدياد ثقة التلاميذ بأنفسهم وقدراتهم. ويتوجب على مسؤولي التربية أن يهتموا بتطوير الكادر التربوي والتأكد من أن جميع المعلمين يمتلكون المعلومات اللازمة للكشف والتعرف ومن ثم التدريس الناجح للموهوبين ذوي صعوبات التعلم ( فيتزر،2000).

يمتلك الموهوبون ذوو صعوبات التعلم قدرات عقلية تؤهلهم لاستيعاب كميات كبيرة من المعلومات ومعالجتها بمستويات عالية، ولكنهم عادة يفتقرون إلى الاستراتيجيات اللازمة للتعويض عن مجالات الصعوبات التعلمية. اقترحت كولمان 2000 على المعلمين أن يبتعدوا عن طرائق التدريس التقليدية عند التعامل مع التلاميذ من هذه الفئة. وبدلا من ذلك اقترحت توجيه التلاميذ إلى استراتيجيات محددة للتغلب على جوانب الضعف لديهم، وهذا يتحقق من خلال تدريس الاستراتيجيات التكيفية، ومهارات الدراسة، وتوجيه الذات، وأساليب التعديل المنهجية.

ليست هناك تعليقات: