30 أكتوبر- أود أن أعرف
من الذي قام عن عمد بتمزيق الأسابيع الخمسة أو الستة الأخيرة من مذكراتي. يا له من
عمل همجي! إن دفتر مذكراتي كبير الحجم، يوفر مساحة كبيرة لتدوين ما يجري من أحداث
كل يوم، وأعتقد أن التزامي بالكتابة كل يوم يسبب لي الكثير من الإرهاق (وأنا أعتز
بذلك).
سألت كاري إن كانت تعلم شيئا عما حصل فأجابت
إنني أنا المخطئ لأنني تركت مذكراتي مهملة بوجود عاملة التنظيف وعامل المداخن. قلت
لها إن ردها لا يعتبر إجابة عن السؤال الذي طرحته. هذه الالتفاتة من جانبي، والتي
اعتبرتها في غاية الذكاء، كانت ستأتي بمفعول أكبر لو أني لم أطوح بذراعي عاليا
لترتطم بمزهرية موضوعة على منضدة في الممر، مسقطة المزهرية على الأرض ومسببة
تحطمها بالكامل.
أثار هذا الحادث استياء عظيما لدى كاري، لأن
المزهرية التي حطمتها كانت واحدة من اثنتين ليس لهما مثيل كانت قد أهدتهما لنا يوم
زفافنا السيدة بيرتست، وهي صديقة قديمة لأقارب كاري- آل بومرستونز من دالستون. استدعيت
سارة وسألتها عن المذكرات، فقالت إنها لم تدخل غرفة الجلوس قط، وأن السيدة بيريل (عاملة
التنظيف) نظفت الغرفة وأشعلت النار بنفسها. عثرت على قطعة محترقة من الورق في
الموقد، فتفحصتها، ووجدت أنها كانت قطعة من مذكراتي. وهذا يعني أن أحدهم مزق جزءا
من مذكراتي ليشعل به النار. طلبت إرسال السيدة بيريل لي في الغد.
31 أكتوبر- استلمت رسالة من مديرنا السيد
بيركب يقول فيها إنه يعتقد أنه وجد عملا، أخيرا، لصبينا العزيز لوبين. اعتبرت أن
هذا الخبر يمثل، إلى حد ما، تعويضا عن فقدان جزء من مذكراتي، وسأعترف هنا أن
الأسابيع الأخيرة كانت حافلة بالردود المخيبة للآمال من الأشخاص الذي أرسلت إليهم
باحثا عن عمل للوبين. حضرت السيدة بيريل، وزعمت أنها "لم تر أي كتاب، ناهيك
عن أن تسمح لنفسها بلمسه".
قلت لها إنني عاقد العزم على أن أكشف النقاب
عمن فعلها، فأجابت بأنها ستبذل ما بوسعها لمساعدتي، لكنها تذكرت أن منظف المداخن
أشعل النار باستخدام قطعة من صحيفة "ذي إيكو/ الصدى". طلبت حضور منظف
المداخن في الغد. أتمنى لو أن كاري لم تعط لوبين مفتاحا للبيت، حيث لم نعد نراه
إلا نادرا. سهرت حتى بعد الواحدة صباحا في انتظاره، ثم تعبت فنمت.
1 نوفمبر- وجدت أن العبارة التي دونتها
بالأمس "تعبت فنمت" طريفة للغاية، وهذا ما لم ألحظه وقت تدوينها. لو لم
أكن متعكر المزاج في هذه الآونة لابتدعت منها نكتة صغيرة. حضر منظف المداخن، وبلغت
به الوقاحة أن صعد إلى الباب الرئيسي ووضع حقيبته المتسخة بالسخام على عتبة الباب.
لكنه بالرغم من ذلك كان مهذبا فلم أستطع أن أوبخه. أخبرني إن سارة هي التي أشعلت
النار. ولسوء الحظ كانت سارة تسترق السمع بينما كانت تمسح الغبار عن الدرابزين،
فأخذت تهرول للأسفل وتتحدث مع منظف المداخن بعصبية واضحة، وسببت قدرا من الضوضاء
عند الباب الرئيسي، وأعتقد أن هذا لم يكن من فراغ. أمرتها بالعودة إلى عملها،
واعتذرت من منظف المداخن عن الإزعاج الذي سببته له. وقد كنت آسفا بالفعل لأن درجات
المدخل الرئيسي كانت ملطخة بالسخام من آثار زيارته. أنا مستعد لأن أتكبد عشرة
شلنات في سبيل معرفة من الذي مزق مذكراتي.
2 نوفمبر- قضيت أمسية هادئة مع كاري، التي لا
أمل أبدا من صحبتها. دخلنا في حوار ممتع حول الخطابات حول "هل الزواج
فشل؟". في حالتنا لم يكن الزواج فشلا أبدا. وبينما استغرقنا في الحديث عن
تجربتنا السعيدة، لم نتنبه إلى أن الوقت كان قد تجاوز منتصف الليل. انزعجنا لسماع
صوت الباب وهو يصفق بشدة. كان لوبين قد حضر. لم يكلف نفسه عناء إطفاء مصباح الممر
أو حتى مجرد النظر إلى الغرفة التي كنا نجلس فيها، بل توجه مباشرة إلى سريره وتسبب
في الكثير من الإزعاج. طلبت منه النزول للأسفل لبعض الوقت فرجاني أن أعذره لأنه
كان "ميتا من الرقص"، وهي ملاحظة دقيقة للغاية من جانبه لأنه قضى ربع
الساعة التالي في الرقص في غرفته وأخذ يصيح "انظروا إلي وأنا أرقص
البولكا" وما يماثل ذلك من هراء.
3 نوفمبر- أخبار طيبة أخيرا. حصل السيد بيركب
على وظيفة للوبين، وسوف يذهب ليعاينها يوم الإثنين. ياه كم أشعر بالراحة! ذهبت إلى
غرفة لوبين كي أنقل له الأخبار السارة فوجدته في سريره في حالة مزرية، ففضلت أن
أحتفظ بالخبر حتى المساء.
قال لي إنه انتخب خلال الليلة الماضية عضوا
في نادي الدراما للهواة المسمى حسب قوله "كوميديانات هولوي". وبالرغم من
الأمسية كانت لطيفة فقد جلس مكتئبا وأخذ يشكو من صداع حاد في رأسه. رفض أن يتناول
منذ الصباح أي طعام فتركته. وفي المساء أحضرت زجاجة من النبيذ مما أثار دهشته.
صببت له كأسا وقلت: "يا ولدي لوبين، لدي خبر سار ومفاجأة طيبة لك. لقد حصل
السيد بيركب لك على عمل!". قال لوبين : "هذا جيد!" وشربنا ما في
الكأسين.
وهنا هتف لوبين: "املأ الكؤوس ثانية،
لأني لدي خبرا سارا ومفاجأة طيبة لكما".
لم يكن لدي ولدى كاري سوى بعض التخمينات،
وقالت له: "أرجو أن يكون خبرا سارا لنا".
قال لوبين: "إنه كذلك بلا شك! لقد أعلنت
خطوبتي وسأتزوج!"
يتبع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق