السبت، يناير 01، 2011

دان براون ورمزه المفقود


لا يملك قارئ روايات دان براون الخمس إلا أن يحترم الجهد الهائل الذي يبذله هذا الكاتب في جمع المعلومات التاريخية والجغرافية حول مواضيع رواياته والأماكن التي تقع فيها أحداثها. ولا يملك قارئ هذه الروايات، أيضا، إلا أن يتابع القراءة بشغف إلى أن يبلغ الفصول الأخيرة ليعرف كيف ستنتهي مغامرات البطل ورفيقته البطلة.
أما ما يملكه قارئ هذه الروايات فهو القدرة على القراءة، بداهة، وكذلك القدرة على الفهم والتحليل والخروج بنتيجة ما من تجربة القراءة، خاصة مع كبر حجم روايات براون نسبيا. ولا ريب في أن الكاتب لم يدخر جهدا ليجعل رواياته مقبولة لدى النسبة الأكبر من جمهور القراء، فوضعها في صيغة خفيفة جذابة، أشبه ما تكون بالفيلم السينمائي سريع الإيقاع، ورصعها بمقدار هائل من المعلومات والتفاصيل التي تصدم القارئ بدقتها المتناهية تارة، وبأسرارها المذهلة تارة أخرى.

وهكذا فإن قراءة أعمال دان براون تعتبر ممتعة ومفيدة في آن معا؛ لكن هاتين الميزتين-على جاذبيتهما- لا تعتبران كافيتين عند الحديث عن القيمة الأدبية للعمل الروائي. فالكاتب الروائي لا ينشد، في الغالب، إمتاع القارئ بالمعنى الواسع للكلمة، ولا هو يقصد أن يمده بمعلومات تاريخية أو فنية، على الأقل ليس بصورة فجة. 

ومهما تكن القيمة الأدبية والفنية لروايات براون فإن ما يلفت النظر فيها حماسه منقطع النظير للماسونية وترويجه لها بشكل مبطن على لسان بطله المفضل روبرت لانغدون، الذي يعرف كل شيء عن الماسونية دون أن ينضم إليها! ومما يثير العجب أن هذا اللانغدون يدافع بحرارة عن الماسونية والماسونيين في غير موضع من روايات براون لكنه يكرر بإصرار أنه ليس عضوا فيها، وبخبث مقصود لا ينفي احتمالية دخوله إياها.
لا شك في أن دان براون كاتب فذ، ولا شك في أن النجاح الهائل الذي حققته رواياته لم يأت من فراغ. لكن الشك، كل الشك، في النية المضمرة وراء ما يكتب عن الماسونية وأهلها. وأنا أدعو كل مترجم لروايات هذا الكاتب أن يشير إلى هذه القضية الهامة على هامش الترجمة لكي لا ينساق القارئ وراء أوهام الماسونية وقذاراتها بسبب هذه الكتابات. كما أدعو كل من لم يقرأ كتاباته بعد إلى اليقظة والانتباه وألا يلقي بالا إلى ما يرد عن الماسونية وأهلها، وقانا الله وإياكم شرها وشرهم.

ليست هناك تعليقات: