السبت، سبتمبر 05، 2009

زمن الأساطير الكبرى





برع البشر على اختلاف عصورهم وبيئاتهم في ابتكار أساطير وخرافات خاصة بهم، ولم يخل مجتمع من هذه الأساطير والخرافات. ولعل أبرز ما يتبادر إلى هذا الذهن عند الحديث في هذا الموضوع أساطير الإغريق واليونان والرومان، الذين جعلوا من الإله آلهة، وألصقوا بآلهتهم المزعومة صفات بشرية خالصة، وتخيلوا وجود صراعات بينها ونزاعات، وانحدروا بها وانحدرت بهم إلى مستوى دون مستوى البشر حتى ليخال المرء أن كل ما صنعوه هو أنهم ابتكروا عالما بشريا موازيا لعالمهم، يملك أبطاله بعض القوى الخارقة.

ولست هنا بصدد تفسير هذه الظاهرة أو الوقوف على دوافعها وبواعثها، وإنما أريد أن أشير إلى نقطة هامة هنا هي أن الأساطير لم تمت بموت حضارة الإغريق، ولم تتوقف عن الظهور في زمن الخارطة الوراثية والصواريخ العابرة للقارات؛ فالأساطير ما تزال تنبع وتتجدد، ونحن في القرن الحادي والعشرين الميلادي/ الخامس عشر الهجري!


والغريب أن أساطير زماننا هذا لم تعد تقتصر على مجتمع دون غيره، أو حضارة دون غيرها، وإنما صار لزاما في زمن العولمة أن تملأ هذه الخرافات الدنيا وتشغل الناس، وإن لم تشغلهم من تلقاء نفسها فإنها ستفرض عليهم فرضا. ولئن كانت أساطير الإغريق وآلهتهم والمصريين وفراعنتهم مقتصرة على أصحابها فلعلي أن أطلق عليها تسمية الأساطير الصغرى، أما ما نراه في هذا الزمن فهو الأساطير الكبرى.

والأمثلة - للأسف- كثيرة، منها أسطورة المحرقة النازية التي زعم أصحابها أن النازيين أحرقوا بأفران الغاز ستة ملايين يهودي في أوروبا، لكن هؤلاء لم يقولوا لنا من أين أتى الألمان بهذا الغاز وهم في حالة حرب! وأي حرب! ولم يقل لنا هؤلاء من أين أتى الألمان بستة ملايين يهودي من أوروبا قبل حوالي سبعين سنة، وهم الذين لا يتجاوز عددهم اليوم في العالم بأسره خمسة عشر مليونا وربما أقل!

مثال آخر على أساطير القرن الماضي هو أسطورة هبوط الأمريكيين على سطح القمر! ولن أسهب في الحديث عن الموضوع هنا لأنني سأفرد له مقالة خاصة، سوف أحشد فيها من الأدلة والبراهين ما كان كافيا لإقناعي وإقناع من هم على شاكلتي بأن الأمريكيين لم تطأ أقدامهم القمر، ولم يرفرف علم بلادهم على سطحه الذي لا رياح فيه ولا هواء!

أما قرننا الواحد والعشرون فأساطيره كثيرة متنوعة لن أذكر منها سوى إنفلونزا الطيور التي ظهرت في العالم بأسره عدا الولايات المتحدة الأمريكية التي يقطنها ثلاثمائة مليون إنسان، وهذا الوباء المرعب الفتاك كان من الشدة بحيث أودى بحياة أكثر من مائة وعشرين....إنسانا (120 فقط) في خمسة أعوام! وما إنفلونزا الخنازير عنه ببعيد.
ما زالت الأساطير قائمة، وما من إله إلا الله!

ليست هناك تعليقات: